سلاحه ومركوبه خليلاً، على ذلك ما أنشده الأصمعي، وهو:
وإني كما قالت نوار إن اجتلت ... على رجلٍ ما شد كفي خليلها
[وقال قيس بن زهير العبسي]
لعمرك ما أضاع بنو زيادٍ ... ذمار أبيهم فيمن يضيع
اللام من " لعمرك " لام الابتداء، وخبر المبتدأ محذوفٌ، كأنه قال: لعمرك قسمي. يقول: وبقائك ما ضيع لهؤلاء العصابة من حق أبيهم وشرف أسلافهم، ما يوجب التذمر عند المحافظة عليه في جملة من يضيع حقوق آبائهم، وما أثلوه من مفاخرهم ومحاسنهم؛ بل حافظوا عليه بما ضموا مما استحدثوه واطرفوه إليه. وحذف مفعول يضيع كأنه قال فيمن يضيع الذمار. ويقال: فلانٌ حامي الذمار، أي إذا ذمر وغضب حمي. وهذا كما يقال، هو ثبت الخبار، أي إذا حصل في الخبار ثبت. وقوله " ما أضاع " تهكمٌ أو تعريضٌ؛ لأن الذين أخبر عنهم أشهر أمراً وأعظم شأناً من أن يقال فيهم ذلك.
بنو جنيةٍ ولدت سيوفاً ... صوارم كلها ذكرٌ صنيعٌ
يعني ولد زياد بن عبد الله بن ناشبٍ العبسي، يقول: هم بنو امرأة كأنها في فضلها ودهائها من الجن. وهذه المرأة هي فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، وهي إحدى المنجبات من العرب، وكانت قد رأت في منامها كأن قائلاً قال لها:" أعشرةٌ هدرةٌ، أحب إليك أم ثلاثة كعشرةٍ " فلما انتبهت اقتصت رؤياها على زوجها فقال لها: إن عاودك فقولي: بل ثلاثةٌ كعشرةٍ. فرجعت إلى المنام ورأت مثل ما رأت من قبل، فجعلت تقول في الجواب: بل ثلاثة كعشرة. فولدت بنين ثلاثة صار كلٌ منهم أباً لقبيلة، ومعظماً في قومه وعشيرته، وهم ربيع الحفاظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وكما جعل الأم جنية لخروجها فيما أتت به عن المعتاد من الإنس جعل الأولاد سيوفاً. ومعنى البيت: هم أولاد امرأة ولدت رجالاً كأنهم في النفاذ سيوفٌ قواطع، كل واحدٍ منها ذكر الحد، مصنوع صقيلٌ. و " صنيعٌ " كما استعمل في السيف استعمل في الخيل. يقال صنعت الفرس، إذا ضمرته.