حرفي العطف: أم، وأو، وكيف يكون معنى الكلام مع ذلك المقدر؟ قلت: المعنى على أو، بدلالة أنه يجاب مثل هذا الكلام بنعم أو لا، إذ كان المبني على ليتني علمت هل يقع ذلك منهم. فأما تقدير أم وهي عاطفةٌ فلا يصح في مثل هذا الموضع، كما لا يجوز اللفظ بها على جهة المعادلة. وقد قال أبو العباس: لا يكون أم بعد شيءٍ من حروف الاستفهام سوى الألف إلا على كلامين. وأما تقدير أم المنقطعة فبعيدٌ، لأنه لو قصد لم يكن بدٌ من ذكره وذكر المستفهم به عنه بعده. فاعلمه.
وذي أملٍ يرجو تراثي وإن ما ... يصير له مني غداً لقليل
يقول: رب إنسانٍ يعلق طمعه بميراثي، ويرجو تحصيله بعدي، والذي يناله منه غداً - يشير إلى يوم موته - قليلٌ غير كثير. والمعنى: إني لا أذخر مالي بل أتلفه في اكتساب المحامد، فلا يكون لي تراثٌ إلا سلاحي وما لا بد للفارس منه.
وما لي مالٌ غير درعٍ حصينةٍ ... وأبيض من ماء الحديد صقيل
وأسمر خطي القناة مثقفٌ ... وأجرد عريان السراة طويل
نفي أن يكون له مالٌ يدخره طول حياته، ويرثه الوارث بعد مماته إلا درعه وبيضته، وسيفاً مصقولاً طبع من خالص الحديد، ورمحاً حملت قناته من الخط - وهو جزيرةٌ بالبحرين - وفرساً قصير الشعر منجرد الظهر من اللحم، مشرف الهامة، طويل القامة. المغفر: حلقٌ يتقنع بها المتسلح، وكذلك الغفارة. وقال الخليل: المغفر: رفرف البيضة. وأصل الغفر التغطية والستر. وقوله " غير درعٍ " يجوز رفعه، وهو الوجه، على أن يكون بدلاً، ويجوز النصب على الاستثناء.
أقيه بنفسي في الحروب وأتقي ... بهاديه إني للخليل وصول
هذا معنىً شريفٌ حسن. يقول: أحفظ مقاتل فرسي بفخذي ورجلي، وأتقي فيما يأتيني بعنقه. والمعنى: من أراد أن يصيب مقتلي جعلت بيني وبينه عنق دابتي، كما أن من أراد مقتل فرسي أجعل بينه وبينه فخذي ورجلي. ثم قال:" إني للخليل وصول " أي لا أخذله في الشدائد ولا أنتفع به إلا وأنفعه. وهذا مثلٌ. والعربي يسمى