أن يعقب الله تعالى لي يوماً يرصد الشر لهم، ويمكنني منهم، فأنتهز الفرصة وأروي الغلة. ويقال: رصدت فلاناً بالمكافأة، ورصدت له أيضاً وأرصدته، وأنا مرصدٌ لفلان بما كان منه حتى أكافئه. ويجوز أن يكون انتصاب طمعاً على أنه مصدر في موضع الحال، والتقدير: صددت عنهم طامعاً. والعقاب يجوز أن يراد به العاقبة، ويجوز أن يراد به العاقبة، ويجوز أن يراد به المكافأة. يقال: أولاه خيراً فعقبه بشرٍ، عقبةً وعقاباً وعقبى. وإذا كان للفرس بعد انقطاع جريه جمامٌ قيل له عقابٌ، وهو من ذاك. ومن روى يومٍ سرمد فالسرمد قال الخليل: هو دوام الزمان واتصاله من ليل أونهار، واستدل بقوله تعالى: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة، فيكون المعنى: بعقاب يومٍ طويلٍ يتصل زمانه، ويمتد بلاؤه. وأيام الغم والمحنة توصف بالطول، ولهذا قيل: مضى لفلانٍ يومٌ كأيامٍ، وشهرٌ كدهر.
[قال الفرار السلمي]
وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ ... حتى إذا التبست نفضت لها يدي
هذا يتبجح بأنه مهياج شرٍ وأذى، وجماعٌ بين كتائب شتى تتقاتل من دونه، ثم يخرج هو من بينهم غير مبالٍ بما يجرون إليه، ولا مفكرٍ فيما ينتج من الشر فيهم. فيقول: رب كتيبةٍ خلطتها بكتيبةٍ، فلما اختلطت نفضت يدي منهم ولهم، وخليتهم وشأنهم. وكتيبة، ألحق الهاء بها لأنه جعل اسما، وهو من كتبت أي جمعت. وتوسعوا في النفض - وأصله الإلقاء والإماطة - فقيل: نفضت اليد من فلانٍ ولفلانٍ أشد النفض، إذا وكلته إلى نفسه، يائساً من رجعته، وفي ضده يقال: قبضت عليه كفي، وجمعت عليه يدي. وقد قالوا: نفضت الطريق أيضاً، وفرقت النفضة في الطرق. وذكر بعضهم أن قوله: حتى إذا التبست نفضت لها يدي وبها يدي، المراد به قنعت فرسي بسوطي، كأنه لما ضرب فرسه إنما نفض يده. يصف سرعة ضربه بالسوط، وأنه لا كلفة عليه به. قال: وهذه السرعة مستحبةٌ في ضرب السوط، كما يستحب في العمل بالسلاح. ومن روى بها يجوز أن يريد المخصرة. انتهت الحكاية عنه. والتعجب من إدراكه لهذا المعنى يمنع من الكلام عليه. فسبحان من لا يحتاج إلى التفسير.