إذا ما شربت أربعاً خط مئزري ... وأتبعت دلوي في السماح رشاءها
يقول: إذا شربت أربعة أكؤسٍ جررت مئزري، فأثر في الأرض خيلاء وكبراً، وتممت ما بقي علي من السماح في حال الصحو، كأن معظمه فعله صاحياً، والباقي منه تممه في حال السكر. وهذا الكلام يجري مجرى المثل للمعنى الذي بينت. حكى الأصمعي أنهم يقولون: أتبع الفرس لجامها، وأتبع الدلو رشاءها، أي تمم ما بقي عليك من أمرك. وكأنه يضرب لمن جاد بالكثير وترك القليل الحقير. وهذا أجود من قول عنترة العبسي، وإن كان مفضلاً عند كثير من الناس على قول عمرو بن كلثوم، وقول عنترة:
وإذا انتشيت فإنني مستهلكٌ ... مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي
وبيت عمرو:
مشعشعةً كأن الحص فيها ... إذا ما الماء خالطها سخينا
لأن هذا قال: إنا نتسخى إذا شربنا الخمر ممزوجة. وما قاله عنترة في بيتين أشار إليه قيسٌ في مصراع. وكان ابن الأعرابي يذهب في قوله سخينا إلى أنه يقال ماء مسخنٌ وسخينٌ، وإن كان فعيلٌ في معنى مفعل قليلاً. وانتصب عنده على أنه حال للماء. ويكون المراد على طريقته: كأن الحص فيها إذا مزج بماء سخين. وهذا لهربه مما استقبحه الناس. وهو حسنٌ، لكنه يقتضي أن يكون بلادهم صروداً.
[الحارث بن هشام المخزومي]
وهو أخو أبي جهلٍ لعنه الله. وكان هرب يوم بدرٍ لما أنزل الله تعالى النصر على رسوله عليه السلام.
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى علوا فرسي بأشقر مزبد