للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنيئاً لابن عم السوء أني ... مجاورةٌ بني ثعل لبونى

أني في موضع الفاعل لهنيئاً، ومجاورةٌ ارتفع على أن يكون خبر أن، ولبوني في موضع الرفع على أنها فاعلةٌ لمجاورة، وبني ثعلٍ مفعولٌ به. والمعنى: ليهنئ ابن العم السوء بعدي عنهم، ومجاورة لبوني لغيرهم. واللبو ن: الناقة التي بها لبنٌ. ويجوز أن يرتفع مجاورةٌ على أنه خبرٌ مقدمٌ، والمبتدأ لبوني والجملة كما هي تكون خبر أن. ويجوز أن يكون لبوني بدلاً من الضمير المتصل بأني، والخبر مجاورةٌ. والمعنى والتقدير أن لبوني مجاورةٌ بني ثعلٍ. وهذا الكلام إنباء أن ما حصل من بعده عن العشيرة كانوا يتمنونه، فقال هنأ الله أبناء عمي ما أرادوه وفازوا به. ويجوز أن يكون وعيداً وتهكماً.

[وقال رجل من بني أسد]

وما أنا بالنكس الدني ولا الذي ... إذا صدعني ذو المودة أحرب

النكس أصله في السهام، ونقل إلى الضعيف من الرجال. يقال نكسته نكساَ ثم يسمى المنكوس نكساً، كما يقال نقضته نقضاً ثم يسمى المنقوض نقضاً بكسر النون. كأن السهم انكسر فوقه فنكس فسمي نكساً. فيقول: ما أنا بالمستضعف اللئيم، ولا الذي إذا انحرف عنه من يواده دعا بالويل والحرب فقال: واحرباه. وفي طريقته.

ولا أقول إذا ما خلةٌ صرمت ... يا ويح نفسي من شوقٍ وإشفاق

ويجوز أن يكون معنى أحرب: أغتاظ. ومنه قوله:

إني إذا الشاعر المغرور حر بني

وهذا أسلك في طريقة العربية؛ وكان يجب أن يقول: ولا الذي إذا صد عنه ذو المودة يحرب، حتى يكون في الصلة ما يعود إلى الموصول، لكنه لما كان القصد في الإخبار إلى نفسه وكان الآخر هو الأول، لم يبال برد الضمير على الأول وحمل الكلام على المعنى، لأمنه من الإلتباس. وهو مع ذلك قبيحٌ عند النحويين، حتى إن أبا

<<  <   >  >>