الجرحى والمرضى، فشبهت الحماقة به، ثم حمل الكيسى عليه، لأنهم يحملون النقيض على النقيض كثيراً.
[وقال بعض الفراريين]
أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوءة اللقبا
كذاك أدبت حتى صار من خلقي ... إني وجدت ملاك الشيمة الأدبا
يصف حسن عشرته لصاحبه وجليسه، ومؤاخذة نفسه بصيانته وإكرامه فيقول: إذا خاطبته خاطبته بأحب أسمائه إليه، وهو الكنية، وأعدل عن نبزه ولقبه؛ لأني على هذا أدبت، حتى به تطبعت، فصار خلقاً ثانياً لي وإن كان أصله تخلقا؛ إني وجدت الأدب ملاك الأخلاق. والملاك: اسم لما يمتلك به الشيء، فهو كالرباط والنظام وماأشبهما. وقوله (ولا ألقبه والسوءة اللقبا) ينصب السوءة. فتنصب اللقب من ألقب، وينتصب السوءة على أنه مفعول معه، فيكون من باب: جاء البرد والطيالة. والتقدير: لا ألقبهاللقب مع السوءة. ويجري هذا المجرى قوله تعالى: فأجمعوا أمركم وشر كاءكم، لأن المعنى مع شركائكم. ويكون المراد: لا أجمع بين اللقب ومايسوءه من فحش الكلام. فهذا وجه للنصب. ويجوز أن يكون انتصاب السوءة على المعنى، كأنه قال: ولا آتي السوءة، فعمل فيه معنى لا ألقبه، فيكون على هذا من باب:
ياليت بعلك قد غذا ... متقلداً سيفاً ورمحاً
وعلفتها تبنا وماء بارداً
ويجوز أن يمون السوءة مفعولاً به، وقد عمل ماقبل الواو فيه، كما تقول: مازلت وزيداً حتى فعل كذا، أي مازلت بزيد حتى فعل. وتقدير الباب في هذا أكشف