للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك. ومالأت، مأخوذٌ من قولهم: هو مليءٌ بكذا، وقد ملؤ يملؤ ملاءة. وجواب الشرط فيما تقدم.

ألم تر أن الأرض رحبٌ فسيحةٌ ... فهل تعجزني بقعةٌ من بقاعها

قال الخليل: البقعة: قطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها، واستشهد الشاعر لنفسه في إنكار ما انتفى من فعله بقوله: ألم تر أن الأرض، لأن ألم تر وإن كان لفظه لفظ الاستفهام، كلمةٌ يواقف بها المخاطب في تحقيق الأمور، وتثبيت الخطوب، وربما صحبها معنى التعجب. فيقول: إنك تعلم أن الأرض واسعةٌ عريضةٌ، وأن بقاعها لا تنبو بي، ولو نبت لم تعجزني، فكما أني في هذا بهذه الصفة، فكذلك أنا في الأول. ومذهب هذا الكلام مذهب قول القائل عند تحقيق أمر وتصويره للمخاطب: إن هذا حقٌ كما أني حاضرٌ، وكما أنك تسمع وتجيب.

ومبثوثةٍ بث الدبا مسبطرةٍ ... رددت على بطائها من سراعها

يقول: رب خيلٍ متفرقةٍ ممتدةٍ في وجه الأرض امتداد فراخ الدبا وتفرقها - والمعنى أنهم يموجون في انتشارهم، كما أن الجراد إذا انبثت ماج بعضها في بعض - أنا رددت أولها على آخرها، وحبست متقدماتها على متأخراتها، حتى لحقت الأعجاز بالصدور، واختلطت اللواحق بالسوابق. ويقال: هم يتهافتون تهافت الفراش، ويتماوجون تماوج الجراد.

وأقدمت والخطى يخطر بيننا ... لأعلم من جبانها من شجاعها

قوله والخطى واوه واو الحال. واللام من لأعلم لام العلة. يقول: تركت الإحجام، وآثرت الإقدام، ورماح الخط تختلف بالطعن، وتحكم للشجاعة على الجبن، لأتبين الضعيف من القوي، والمتقدم من المتخلف. والمعنى فعلت ذلك ليبين فضلي على غيري.

[وقال رجل من بني تميم]

وطلب منه ملك الروم فرساً يقال له سكاب فمنعه إياها:

أبيت اللعن إن سكاب علقٌ ... نفيسٌ لا تعار ولا تباع

<<  <   >  >>