للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناقة تدفع لينتفع بلبنها ما دام بها لبن، فإذا انقطع لبنها ردت. وإذا عد مال المكثرين، أشار به إلى قلة ماله. والمكثر: صاحب الكثير من المال، أي ما لنا في جنب المكثرين كذلك.

وقوله جعلناه دون الذم، يريد صيرناه دون الذم، فعلى ذلك يحتمل أن يكون ظرفاً، ويجوز أن يكون مفعولاً ثانياً، فيكون معنى دون الذم قاصراً عن الذم، فيبعد الذم عنا ولا يلحقنا، لأن مالنا يحول بيننا وبين الذم. ومعنى لنا حمد أرباب المئين، أي نكتسب بما لنا القليل حمد أرباب المال الكثير، أي الحمد الذي يكسبه أولئك هذا ولا يرى مال يروح إلى بيتنا مع الليل لأنها على قلتها باركة بالفناء، معدة للنوائب والحقوق، ولم تبلغ ما يصير منها سارحة ورائحة، وباركة بالفناء وسائمة.

[وقال مرة بن محكان]

يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... ضمي إليك رحال القوم والقربا

في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتى يلف على خرطومه الذنبا

خاطب امرأته، وبعثها على القيام للاحتفاف بالنازلين من الأضياف. وقوله: غير صاغرة، يقال: صغر يصغر صغاراً، إذا ذل وهان؛ وصغر يصغر صغراً: ضد كبر. والقرب: جمع قراب، وهو جراب واسع يصان فيه السلاح والثياب.

وقوله في ليلة، إن شئت جعلت الجار متعلقاً بضمي، وإن شئت جعلته متعلقاً بقومي. والأجود في الجمع بين الفعلين في باب الأمر أن يدخل الثاني حرف العطف، كقول الله عز وجل: " قم فأنذر. وربك فكبر "، وادن فاكتب، وما أشبه ذلك. وهذا قال: قومي غير صاغرة ضمي إليك، ولم يأت بالعاطف فيه، وهو جائز. وانتصب غير على الحال. وجعل الليلة من ليالي جمادى لأنها من شهور البرد، والمراد في ليلة من ليالي جمادى ذات أنداء وأمطار. وكانوا

<<  <   >  >>