للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال رجل من آل حرب]

باتت وتلحاني على خلق ... عودته عادة والجود تعويد

قالت أراك بما أنفقت ذا سرف ... فيما فعلت فهلا فيك تصريد

قلت اتركيني أبع مالي بمكرمة ... يبقى ثنائي بها ما أورق العود

إنا إذا أتيتنا أمر مكرمة ... قالت لنا أنفس حربية عودوا

يقول: بقيت هذه المرأة ليلتها تعتب علي وتذمني في عادة نشأت عليها، وخليقة تخلقت بها، والجود عادة وإلف. وقوله والجود تعويد اعتراض دخل في أثناء الحكاية عنها، فقالت لي: أراك تسرف في الإنفاق، وتجري إلى ما يقوم له مالك في التقدير، ن ولا يفي به وجدك عند التحصيل، فهلا فطمت نفسك عنها، وجريت على سنن يساعدك عليه حالك، ولا تعجز عنه مقدرتك. والأصل في التصريد تقليل الشرب. يقال: سقاه سقية مصردة.

وقوله قلت اتركيني، أي أجبتها بأن خليني وابتياع المكارم بمالي، ليبقى ثناء الناس علي أبداً بها، ومدة إيراق الشجر. فما أورق العود، في موضع الظرف. وقوله ثنائي بها أضاف المصدر إلى المفعول، والمراد ثناء الناس علي. وقال أبع مالي، والمال ثمن المبيعات، لأن المتبايعين كل منهما يبيع ويشتري. وقوله إنا إذا ما أتينا أمر مكرمة، يقول: من شأننا أن لا نرضلى في ابتناء المكارم، وإسداء المعروف والصنائع بالإيحاد فيها، والاكتفاء بالوتر عند فعلها، ولكنا نشفع ونعاود، ونتبع الأكرومة بأختها فنطابق.

وقوله عودته عادة انتصب عادة على المصدر، لأنها وضعت موضع التعويد، كما يوضع الطاعة موضع الإطاعة، يدل على أن ذلك هو المراد قوله والجود تعويد. ويقال: تعودت كذا واعتدته واستعدته وأعدته بمعنى، وفحل معيد ومعاود، أي معتاد للضراب، وإنما قال أنفس حربية تبجحا بأسلافه، وإظهاراً بأن من كان منهم لا يأتي عرقه ونجره إلا الكرم.

<<  <   >  >>