فإن قيل: ما موضع (إما ائتمنتك) من الإعراب؟ قلت: هو في موضع الرفع على أن يكون صفة لامرىء. وإما هذه هي التي تعد في حروف العطف، والكلام خير. يريد: أنت رجل لا تخلو مما تصك به وجهي من أحد الأمرين اللذين أذكرهما. فهو كما تقول: أنت رجل إما صالح وإما طالح. وقوله (فخنت) انعطف على ائتمنتك، كأنه قال: أنت رجل إما مؤتمن فخائن، وإما قاتل قولاً لا علم لك به. وقوله (وإما) الواو هي العاطفة. وإما كأو في أنه لأحد الأمرين، إلا أن (أو) يبنى الكلام فيه على اليقين، ثم يعترض ما يخرج به عنه؛ و (إما) يبنى الكلام فيه على عين اليقين. ولهذا الذي قلناه قال حذاق أصحابنا: إنه ليس من حروف العطف، وكيف يكون منها وهو يحيء قبل ما يعطف عليه أو مع حرف العطف. تقول: رأيت إما زيداً وإما عمراً. فإما الأولى سابق المعطوف عليه وهو زيد، وإما الثانية معها الواو العاطفة. وقوله (فأنت من الأمر الذي كان بيننا) مبتدأ وخبره (بمنزلة) وبين الخيانة صفة للمنزلة. والمعنى: أنت مما بيننا في موقف يشفي بك إما على الخيانة فيما ائتمنت فيه، وإما على الإثم فيما تستشهد فيه، فتقول بما لا علم لك به.
[وقال شبيب بن البرصاء]
قلت لغلاق بعرنان ما ترى ... فما كاد لي عن ظهر واضحة يبدي
عرنان: إسم واد. وقوله (عن ظهر واضحة) يجوز أن يريد عن ظهر خصلة بينة والمراد: لما استشرته وقد حصلنا بعرنان ارتبك فلم يكد يكشف لي عما يصح المراد به، ويمكن الإعتماد عليه. ويجوز أن يريد بالواضحة السن. والمعنى: لم يكد يتهلل أو يكشف عن أسنانه به ضاحكاً أو كاشراً. ويكون استعمال الواضحة كما قال طرفة: