للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلله قومٌ مثل قومي عصابةً ... إذا حفلت عند الملوك العصائب

قوله فلله قومٌ تعجبٌ وتحضيضٌ. والكلام في مثله قد تقدم مشروحاً. وانتصب عصابةً على أنه تمييز. ويجوز أن يكون حالاً أيضاً. وقوله إذا حفلت أي اجتمعت. وإذا ظرف لما دل عليه قوله لله قومٌ مثل قومي، أي ناهيك بهم من قومٍ في ذلك الوقت. والمعنى أنه يظهر من عزهم وفخرهم في مجالس الملوك ما يستحق به التعجب منهم.

أرى كل قومٍ قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب

يصف عزهم وكرمهم وعظم حشمتهم في قلوب من سواهم، وأن أحداً لا يتجاسر على التعرض لأسبابهم، والتبسط في أحميتهم، فما لهم وإن عزبت في مراعيها محميةٌ، وسروبهم آمنةٌ، وإذا كانت الأقوام غيرهم يقيد فحولها تقييداً مقارباً، وتحفظ مراعيها حفظاً ملاحظاً، مخافة أن تسرب في المرتع، وتبعد عن المجمع، وتتبعها الإناث فتقرب من المغير عليها، وتمكن الطامع فيها، رأيتنا لا نبالي بشيءٍ من ذلك، فنخليها وذهابها حيث شاءت، وأني اختلفت وتصرفت، لأمننا عليها، وعلمنا بأن عزنا يحميها ويذب عنها، ويقصر الأيدي دونها. والسارب: الذاهب في الأرض، حتى قيل سرب الماء وانسرب، ومنه اشتقاق السراب.

[وقال العديل بن الفرخ العجلي]

ألا يا اسلمى ذات الدماليج والعقد ... وذات الثنايا الغر والفاحم الجعد

قوله يا اسلمى يراد به يا هذه اسلمى، فحذف المنادى. ومعنى اسلمى: دومي سالمةً. وانتصب ذات الدماليج على أنه نداءٌ ثان، ويجوز أن يكون انتصابه على إضمار فعل، كأنه قال: أذكر ذات الدماليج. وهذا يجري مجرى الكناية لما كره التنبيه

<<  <   >  >>