وللكف عن شتم اللئيم تكرما ... أضر له من شتمه حين يشتم
اللئيم: الذي اجتمع فيه خصال مذمومة في نفسه وأبويه. فيقول: كم من رجل دنى النفس والأصل، يتمنى أن أتخذه نظيراً لي أكابله وزناً بوزن، وأكافيه لفظاً بلفظ، وإن كان في هجوى له وشتمي إياه ما يجري مجرى الصاب والعلقم في المرارة. والصاب: شجرة لها لبن فإذا أصاب العين حلبها. والعلقم: الحنظل. وقال الخليل: يقال: علقم الحنظل، إذا اشتدت مرارته. ثم قال: لإمساكي عن مشاتمة اللئام آخذاً بالكرم، أصون لعرضي، وأعود عليهم بالضرر من كل ذم وهجو. وانتصب (تكرما) على أنه مصدر في موضع الحال، أي متكرما، ويجوز أن يكون مفعولاُ له، أي للتكرم.
[وقال عقيل بن علفة]
وللدهر أثواب فكن في ثيابه ... كلبسته يوماً أجد وأخلقا
وكن أكيس الكيسي إذا كنت فيهم ... وإن كنت في الحمقى فكن أنت أحمقا
ذكر الأثواب مثل، وإنما يريد تلون الدهر بأهله، وتصرفه بأحداثه وتاراته وغيره. واللبسة: اسم حالة اللابس. أي البس ثيابه لبسته مجداً أو مخلقاً، وإن أجد أو أخلق، لأن الحال يتضمن معنى الجزاء. والقصد إلى توصية المخاطب بأن يطلب موافقة الناس في دهرهم، ويتخلق بأخلاقهم. والقصد إلى توصية المخاطب بأن يطلب موافقة الناس في دهرهم، ويتخلق بأخلاقهم. ومعنى أجد: جعل ثوبه جديداً. وكذلك أخلق الثوب نفسه فهو مخلق؛ وهذا أشهر من الأول. وقد قيل في الدعاء للآبس الجديد:(أبل وأجدد) يراد به فعل مثله في المستأنف، واتصال عمره. وقد صرح عن المعنى فيما بعده، لأنه قال: وكن أكيس الكيسى إذا كنت فيهم. والمعنى: تكيس مع الأكياس، بل اجتهد أن تفوقهم في كيسهم وإن ابتليت بحمقى فتحامق معهم. وقوله (كن أنت) أنت توكيد للمضمر في كن. و (أحمقا) يجوز ألا يريد به أفعل الذي يتم بمن ويكون المعنى تحامق. ويجوز أن يكون أفعل الذي يتم بمن، وقد حذف منه من لأنه خبر فجاز ذلك فيه. ويدل على هذا أنه قال: كن أكيس الكيسى. وقد قيل: ما أحمقه، لأنه ليس من الخلق في شيء. ألا ترى أن صاحبه يوبخ على ما يأتيه منه. فأما قوله (الحمقى) ففعلي جمع فيما يكون بلاء وزمانة. على ذلك