للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال زويفر بن الحارث بن ضرار]

ألم تر أني يوم فارقت مؤثراً ... أناني صريح الموت لو أنه قتل

يروى (صريخ الموت) بالخاء المعجمة (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) والنبي عليه السلام لم ير ذلك. فيقول: أعلم أني يوم فارقت هذا الرجل ورد على مايجري مجرى الموت الصريح الخالص لو أنه قتلني وأنى علي، ولكن القدر ثبت قدمي في الأحياء، فلم يخلني للموت. ومن روى (صريخ) بالخاء و (قبل) بالباء فالمراد: أتاني داعي الموت. والصريخ يكون المستغيث والمغيث جميعاً، والمراد أتاني داعي الموت لو أنه قبلني لكنت لا امتنع من إجابته لما استدعى، وإغاثته لما استغاث، لكنه لما بقاني ولم يأخذني فكأنه لم يقبلني.

وكانت علينا عرسه مثل بومه ... غداة غدت منا يقاد بها الجمل

تقدير البيت إذا أزيل ما فيه من هجنة التقديم والتأخير: وكانت علينا عرسه غداة غدت منا يقاد بها الجمل مثل يومه. والمعنى: كانت مفارقة عرسه لنا غداة انتقالها عنا، وقد حملت الجمال وقيد بها ظعينتها مثل يوم فقده، أي كان ذلك اليوم مثل ذلك اليوم. كأنهم كانوا ألفوا من مقامها أيام عادتها أنسابها، وببقاء دارها على ماكانت تعهد من قبل، فلما رأت من التنقل مارأت، وخلت الديار منها ومن أسبابها وتغيرت، عادت المصيبة على أحيائها جذعاً، والشر مستفحلاً.

وكان عميدنا وبيضة بيتنا ... فكل الذي لاقيت من بعده جلل

أي كان رئيسنا والمصمود بالحاجات فينا، وأصل بيتنا وأساس فخر، وقد تقدم القول في بيضة البلد، وأنه يستعمل في المدح والذم. فاما بيضة الخدر وبيضة البيت فلا يستعملان إلا في المدح. وقد صيغ من البيضة هذا فعل، حكى ابن الأعرابي قال: يقال اجتاحوهم وابتاضوهم، إذا استأصلوهم. وقوله فكل الذي لاقيت من بعده جلل أي صغير هين في جنب مالاقيناه فيه. والجلل يستعمل في الصغير والكبير. وقال بعضهم: المراد ببيضة البلد أنه المعروف الموضع، المرجوع

<<  <   >  >>