الحزامة والحلم، عدةً فكأنه وكل برد صوابهم. واستقباح المحسن عندهم. فإن قيل: بماذا دخل هذه الأبيات وما يتلوها - وهو في معناه - في باب الحماسة؟ قلت: دخلت فيه بالمشاكلة التي بينها وبين ما تقدمها من الأبيات، المنبئة عن المفاسدة بين العشائر، وما يتولد فيها من الإحن والضغائن، المنسية للتواشج والتناسب، المنشئة لهتك المحارم، المبيحة لسفك الدماء وقطع العصم؛ إذ كان عقوق البنين للآباء، وتناسي الحرم، فيه مثل ذلك. وهو ظاهرٌ بينٌ.
وقالت امرأةٌ من بني هزان
يقال لها أم ثواب في ابنٍ لها عقها:
ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه ... أم الطعام ترى في جلده زغبا
حتى إذا آض كالفحال شذبه ... أباره ونفى عن متنه الكربا
يقال رببته وربيته بمعنىً. ومعنى البيت: كان ابني حين ولده في ضعفه وصغره، وتساقط قوته، وتخلخل بنيته، ورخاوة مفاصله، كفرخ القطاة ولم يستبدل بعد بزغبه شكيراً، ولا بانحلال عقده تماسكاً، فأقبلت أربيه وأعظم شيءٍ فيه بطنه، وأرقيه في مدارج النشء والترشيح وهو لا يميز ما ينفعه مما يضره، متردداً في الأحوال التي تجري إليه، وتتغير عليه، بين صيانةٍ كاملةٍ، وشفقةٍ بارعةٍ، وحفظٍ متصلٍ، وإشفاقٍ مطردٍ. وتسميته البطن بأم الطعام، كما قيل للجلدة الرقيقة الملبسة الدماغ أم الدماغ، وكما سمي المجرة أم النجوم، وكل ذلك لما في المضاف والمضاف إليه من الانضمام والاحتواء. وقد سمى الشنفري تأبط شراً بأم عيالٍ، فقال:
وأم عيالٍ قد شهدت تقوتهم ... إذا أطعمتهم أوتحت وأقلت
لما كان يجمع من أمر أصحابه ويتكفل به لهم ويدبره. وقولها حتى إذا آض كالفحال حتى وضع للغاية، وأضيف إلى إذا وما بعده من الجملة التي انشرح إذا