وهذا كما تقول: جاءني رجل في جبة، تريد وعليه جبة، ةتحقيقه: جاءني رجل لابس جبة.
وقد تبين من البيت الثاني معنى البيت الأول، واعتذاره من القليل الذي يعطيه إذا ضاف ضيف.
[وقال خلف بن خليفة]
عدلت إلى فخر العشيرة والهوى ... إليهم وفي تعداد مجدهم شغل
إلى هضبة من آل شيبان أشرفت ... لها الذروة العلياء والكاهل العبل
إلى النفر البيض الأولاء كأنهم ... صفائح يوم الروع أخلصها الصقل
إلى معدن العز المؤيد والندى ... هناك هناك الفضل والخلق الجزل
قوله والهوى إليهم مبتدأ وخره قد اعترض بين صدر البيت وعجزه، والواو واو الحال. والمعنى: وهواي معهم؛ لأن إلى بمعنى مع، كما يقال هذا إلى ذاك. ويجوز أن يعطف والهوى على فخر العشيرة، فيكون المراد عدلت إلى الافتخار بهم، وإلى الهوى معهم. فيقول: صرفت همي إلى ذكر مفاخر العشيرة، وهواي معهم، وتركت غيره لأن في عج مجدهم وإحصائه ما يشغلني عن غيره. ثم كرر إلي مفخماً ومعظماً، فقال: إلى هضبة من شأنها كذا، وإلى النفر الذين من شأنهم كذا، وإلى معدن العز الذي من أمره كذا. والمراد بجميع ما ذكر العشيرة وإن اختلفت العبارات عنها. وقوله أشرفت لها الذروة العلياء، يعني هضبة العز. فيقول: علت لهذه الهضبة ذروة شامخة وكاهل ضخم، يريد عظم الهضبة وسموقها واتساع جوانبها.
وقوله إلى النفر البيض يعني آل شيبان. ذكر عزهم وكنى عنه بالهضبة، والقصد إلى أنهم الملجأ والمعقل. والأولاء في معنى الذين، وما بعده من صلته، ويمد ويقصر، فيقال الأولاء والأولى. وأراد بالبيض الكرام المنقي الأحساب. وقوله كأنهم صفائح يوم الروع، يجوز أن يضيف صفائح إلى يوم الروع، ويريد تشبيههم في نفاذهم وقدودهم بالسيوف المعدة ليوم الروع، لا المعاضد وما يبتذل في العوارض سوى الحرب. ولك أن تنصب يوم على الظرف. يريد صفائح مصقولة