الزاد، لعزته وشدة حاجتهم إليه، وبعد عهدهم بأطايبه، ورب زاد أفنيناه وتوسعنا فيه، غير مفكر في مستأنف الزمان، ولا خائف من عواصف الحدثان، ولو بقيناه لعد ذلك من فعلنا بخلابه، والبخل من أسوأ أفعال المرء وأقبحها. وانتصب تأنساً على أنه مصدر في موضع الحال. وقوله مناكل في موضع الرفع لأنه اسم ما، والنفي بما تناوله من حديث لولا. وكذلك قوله تكرماً في موضع الحال، وإذا ابتدر ظرف لرفعت، وهو جوابه. وقوله لم ننتظر به غداً أي لم ننتظر باستيفائه غداً، أي مجيء الوقت الذي نسميه غداً.
وقال بعضهم:
لقل عاراً إذا ضيف تضيفني ... كا كان عندي إذا أعطيت مجهودي
جهد المقل إذا أعطاك نائله ... ومكثر في الغنى سيان في الجود
اللام من لقل جواب يمين مضمرة، وفاعل قل ما كان عندي. وعاراً انتصب على التمييز، وهو مما نقل الفعل عنه، كأنه كان لقل كا كان عندي، فنقل قل وجعله لقوله ما كان، واشبه عاراً المفعول فنصبه. وقوله إذا أعطيت ظرف لقوله: قل ما كان عندي. وإذا ضيف تضيفني، ظرف لقوله: إذا اعطيت مجهودي. وتلخيص الكلام: لقد قل عار ما كان عندي إذا أعطيت منه مجهودي إذا ضيف تضيفني. والمعنى: لا عار في القليل الذي عندي إذا اعطيت مجهودي في الوقت الذي يتضيفني الضيف. ومثل هذا البيت فيما اجتمع فيه من الظرفين قول الآخر:
علام تقول الرمح يثقل ساعدي ... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت
وقوله جهد المقل مبتدأ، وعطف مكثر على المقل، وقد حذف المضاف منه، والمراد وجهد مكثر في الغنى، فاكتفى بالأول عن الثاني، وسيان خبر المبتدأ، كأنه قال: جهد المقل إذا أعطاك ما عنده وجهد مكثر في الغنى مثلان في أحكام الجود وشرائطه، لأن كلاً منها قتل مجهوده. وإنما قلنا هذا لأنكإن لم تضمر في قوله ومكثر المضاف تكون قد جمعت بين الحدث وهو جهد المقل، وبين الذات وهو مكثر فجعلتهما سبين. والشرط أن يضم الحدث إلى الحدث، والذات إلى الذات. وقوله في الغنى في موضع الصفة لكثر، كأنه قال ومكثر غنى.