للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال، ويكون من باب:

تحية بينهم ضرب وجيع

وأعتبوا بالصيلم، وما أشبههما.

وقوله كأن دنانيراً على قسماتهم فالقسمة: الوجه. ويقال: وجه مقسم، إذا وفى كل جزء منه حظه من الحسن يريد أن الشدائد لا تكسر شوكتهم ولا تغض أبصارهم ولا تغيض مياه وجوههم، بل يزدادون على طول المراس والجذاب حسناً ونشاطاً. فكأن سحناتهم غشيت بالدنانير إشراقاً ونوراً، في وقت تتحامى الأبطال فيه الموت. وهذا مثل للشدة وقد وطنت النفوس عليها، وذللت لها. أي تشرب الشجعان كؤوس الموات حسوات.

وقال بعضهم:

وزاد وضعت الكف فيه تأنساً ... وما بي لولا أنسة الضيف من أكل

وزاد رفعت الكف عنه تكرماً ... إذا ابتدر القوم القليل من الثفل

وزاد أكلناه ولم ننتظر به ... غداً إن بخل المرء من أسوأ الفعل

يصف وفور عقله وحسن تأتيه في تقلب الأحوال به، وذهابه مع الكرم أني اعتمد، ومع من تصرف. فيقول: رب زاد وضعت كفي فيه إيناساً للمجتمعين عليه، وتأنساً بمؤاكلتهم، ولكي ينشطوا بكوني معهم، ويطرحوا الحشمة لانضمامي إليهم، لولا ذلك لكنت غير محتاج إليه، ولزهدت في التناول منه. وقوله أنسة الضيف، يقال انس وأنسة كما يقال: بعد وبعدة، وشقاء وشقاوة، ومنزل ومنزلة، ودار ودارة.

ورب زاد أمسكت عن أكله، وانقبضت عن الاجتماع مع آكليه مؤثراً لغيري به، وتوسيعاً على متناوليه، في وقت من الزمان يرى القوم يتبقون إلى القليل من سقط

<<  <   >  >>