وددت وما تغنى الودادة أنني ... بما في ضمير الحاجبية عالم
فإن كان خيراً سرني وعلمته ... وإن كان شراً لم تلمني اللوائم
يقول: تمنيت أنني عالم بما ينطوي عليه قلب هذه المرأة لي، وما ينفع التمني إذا لم يساعد القدر. وقوله: وما يغني الودادة اعتراض بين وددت ومفعوله، وهو أنني. ويقال: وددت ودادة وودادة، بفتح الواو وكسرها. وقوله فإن كان خيراً يريد: فإن كان ما تضمره لي وداً صافياً، وميلاً ناصعاً سرني ذلك وسكنت إليه، فلا يذهب ما أتكلفه في هواه باطلاً، وإن كان ما تضمره وتنطوي عليه اعتراضاً خالصاً، وجفاء مراً، قتلت نفسي وأرحتها من لوم اللائمات. وقوله وعلمته أكتفى بمفعول واحد لأنه بمعنى عرفته.
وما ذكرتك النفس إلا تفرقت ... فريقين منها عاذر لي ولائم
يقول: ما أخطرتها ببالي على ما أقاسي فيها، ويوافيني من اطراحها وزهدها إلا تفرقت نفسي فريقين: ففريق يعذرني ويقول: إن مثلها في كمالها وظرفها وحسبها ومنصبها، وشرفها وسرورها، يصبر على كل أذى يعرض في اكتسابها ويعتلق على جميع علاتها، احتفالاً باسمها في العشاق، وتكثراً بمكانها بين ذوي الأهواء. وفريق يلومني ويقول: إنك جاهل بمالك وعليك، مبتذل الروح في هوى من لا يشفق عليك ولا يرفق بك، ولا يرجع إلى شيء مما تؤثره، وإن امتج مدى ذهابها عنك. وهذا قاله عاى عادة الناس فيما يهمون، وتردهم بين ما يقوى العزم عليه وبين ما يضعفه، فجعل كل واحد منهما كأنه نفس على حيالها.
وقال أيضاً:
وأنت التي حببت شغباً إلى بدا ... إلي وأوطاني بلاد سواهما