للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جر فقال كأن قبسٍ، جعل أن زائدة وأعمل الكاف كما زيد في قوله: لما أن جاء زيدٌ أعطيته، وفي قوله: والله أن لو جئتني لأكرمتك، يريد والله لو جئتني.

وكائن تركت من كيمة معشرٍ ... عليها الخموش ذات حزنٍ تفجع

نبه بهذا الكلام على أن ما حكاه من حديث العاثرة يوم الهييما، واقتصه من شأن بعلها، لم يكن بدعاً منه ولا عجباً، بل ذلك دأبه مع أمثالها قبلها وبعدها. وقوله وكائن لغةٌ في كأين، وهما جميعاً بمعنى كم، وهو للتكثير. فيقول: وكم امرأةٍ كانت كريمة عشيرتها تركتها وهي تخمش وجهها، وتتفجع جزعاً على قيمها من بعلٍ أو أخٍ أو ابن. والمعنى: كان ذلك مني كثيراً. وقوله عليها الخموش الخمش في الوجه وفي سائر البدن مثل الخدش. ومعنى عليها ركبها وعلاها كما يقال على فلانٍ دينٌ أي ركبه وعلاء.

[وقال الأخنس بن شهاب]

فمن يك أمسى في بلادٍ مقامه ... يسائل أطلالاً لها لا تجاوب

يروى في بلادٍ مقامه والمراد: من أمسى مقامه في بلادٍ مسائلاً أطلالاً لتلك البلاد. فمقامه اسم أمسى، وخبره في بلادٍ. ويروى بلادٍ مقامةٍ على الإضافة، ويكون اسم أمسى ضمير " من " المستكن فيه. والمقامة: الإقامة، والمراد: من أمسى في بلاد إقامةٍ، أي بلاد مستصلحةٍ للإقامة مستوطنةٍ. ويسائل على الروايتين في موضع الحال. وكما يقال هو بلد مقامةٍ، يقال في ضده هو بلد قلعةٍ. والبلاد: جمع بلدٍ، وهو القطعة من الأرض اختط فيها أو لم يختط. يشهد لهذا قول الراجز:

قد ترك البرني فاه بلدا

أي لا أسنان فيه. وقول الآخر:

عرف الديار توهماً فاعتادها ... من بعد ما شمل البلى أبلادها

<<  <   >  >>