للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يشهد لقوله من الردى وأن المراد به الفضيحة قول امرىء القيس:

صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ... ولست بمقلي الخلال ولا قال

ألا ترى أنه كان ملكاً لا يخاف معارضاً له فيما يتعاطى من اللهو، ويختاره من الصبا والبطالة مع من كان وفيمن اتفق، فكيف ما يتعداه من طلب الغوائل له، لكنه عند انتشار الحديث فيه، وقيام الناس وقعودهم يذكره هلاكاً وعطباً. وقوله أن أقيك في موضع خبر المبتدأ وهو مزيدك، وانعطف عليه قوله وود كماء المزن.

وقال آخر:

ما أتصف ذلفاء أما دنوها ... فهجر وأما نأيها فيشوق

تباعد ممن واصلت فكأنها ... لآخر ممن لا تود صديق

يقول: جارت هذه المرأة علي في حكم الهوى ولم تنصف، لأني إن طلبت التداني منها هجرتني واطرحتني، وإن رمت التنائي منها شوقتني وهاجتني، وإذا كانت من مواصلها متباعدة، ولموادها مهاجرة، فكأنها تصادق معاديها، وتخالص منابذها من دون مواصلها ومقاربها، وهذ عجب من مثلها. وقوله أما دنوها فهجر، المعنىى في دنوها فتهجر. ألا ترى أنه قال وأما نأيها فيشوق، كأنه: وأما في نأيها فتشوق. إلا أنه جعل فعلها منسوباًإلى دنوها ونأيها.

[وقال عبد الرحمن الزهري]

ولما نزلنا منزلاً طله الندى ... أنيقاً وبستاناً من النور حاليا

أجد لنا طيب المكان وحسنه ... منى فتمنينا فكنت الأمانيا

جواب لما قوله أجد لنا. فيقول: لما خرجنا إلى ظاهر محالنا متنزهين، ونزلنا موضعاً رياضه ركبها الطل بالليل، فتناثر عنها القطر بالغدوات، ونباته شرقت

<<  <   >  >>