للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله بأضيع من عينيك، كان الواجب أن يقول: بأشد إضاعة للدمع، فجاء به على حذف الزوائد، أو على طريقة سيبويه في جواز بناء التعجب مما كان على أفعل مما زاد على الثلاثي خاصة.

[وقال أبو الشيص]

وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم

أجد الملامة في هواك لذيدة ... حباً لذكراك فليلمني اللوم

يقول: حبسني الهوى في الموضع الذي تستقرين فيه فألزمه ولا أفارقه، فأنا معك مقيمة وظاعنة، لا أعدل عنك ولا أميل إلى سواك، ومن لا منى فيك أستلذ لومه محبة لذكرك، ووجداً باسمك، فليستمر اللائمون في أقوالهم، ولتندم عظاتهم علي وإنكارهم، فإنهم لا يجدون مني اتباعاً ولا رجوعاً، ولا ملالاً ولا قصوراً. وقوله حباً لذكرك، انتصب لأنه مفعول له، وبيان لعلة لذته، بما يجلب على غيره ضجراً، وهو اللوم.

ومثل هذا قول الآخر:

وأسأل عنها الركب عهدهم عهدي

يريد، أن يستلذ ذكرها.

وقوله حيث أنت، خبر المبتدأ وهو أنت محذوف، كأنه قال: حيث أنت واقفة، لأن حيث في الأمكنة بمنزلة حين في الأزمنة، في حاجته إلى جملتين، والمتأخر والمتقدم بنمزلة التأخر والتقدم، فهما مصدران.

أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ صار حظي منك حظي منهم

<<  <   >  >>