الأدلاء، يعني وجهه. وأصل البركة النماء والزيادة، وقيل هو من اللزوم والثبات، ومنه برك البعير. وانتصب " هادياً " على الحال.
وقولها " تحسبه غضبان من عزه "، هم - أعثى العرب - يشبهون الحيي الكريم بالمشتكي من علة، والعزيز المنيع بالمتغضب من عزةِ. ولا غضب في هذا كما أنه لا علة ثم، وإنما يراد في العزيز إباء النفس وأبهة النبل، كما أنه يراد في الحيي لين الجانب، والانخزال من الكرم. وقولها " ذلك منه خلقٌ لا يحول "، يريد أنه طبع على ذلك، فلا يزول عنه ولا يتحول منه.
وقولها " ويل أمه مسعر حربٍ " انتصب مسعر على التمييز، وقد مر القول في ويل أمه. والكلام تعجب وتعظيم. والمسعر من أبنية الآلات، يراد أنه كالآلة في إيقاد نار الحرب إذا ألقي فيها وقد تدجج في السلاح. والشليل: الدرع.
وقالت امرأةٌ من إياد
الخيل تعلم يوم الروع إذا هزمت ... أن ابن عمرٍو لدى الهيجاء يحميها
لم يبد فحشاً ولم يهدد لمعظمةٍ ... وكل مكرمةٍ يلفى يساميها
تعني بالخيل الفرسان. تريد: قد تيقنوا أنه إذا اتفق عليهم كسرٌ، وأثر فيهم ردع في يوم حرب، لا يدفع عنهم ولا يذب دونهم إلا ابن عمرٍو، فهم ساكنون إليه، ومعتمدون عليه عند استعارنار الروع والاصطلاء بحرها، لأنه جابرٌ كسرهم، ومخمدٌ جمرهم.
وقولها " لم يبد فحشاً " تريد أنه لا يعرف القبيح، فلا يظهر في أفعاله وأقواله كما يستهجن أو يستفحش، ثم إذا مني بخصلةٍ فظيعة لا يهد لها، ولا يحار فيها، بل يصبر ويثبت، ويحسن حديثه في أفواه الناس لخروجه منها ويعذب؛ وكل مكرمةٍ تسنح، ومأثرةٍ على القرب والبعد تتفق وتعرض، تراه تطمح عينه إليها، وتحرص نفسه على جمع يده عليها، لعلو همته، وكمال خصاله. وقولها " يساميها " في موضع الحال أي مسامياً لها، ولك أن تروي " يلقى " بالقاف، و " يلفى " بالفاء، ومعناهما قريب.