لأنه ليس يريد نفي التعريس رأساً؛ إذا كان يعتاده قطاع الفلاة، وركاب الظلام، بل يريد عرس تعريساً قليلاً فهجته. ويقال: صلع صلعاً وصلعةً، وهو أصلع وصليعٌ.
وللقارح اليعبوب خير علالةً ... من الجذع المرخى وأبعد منزعا
هذا مثلٌ ضربه في تفضيل نفسه على شيخوخته وقد أدبه الكبر، ونازع الدهر وأبناءه أطراف الخطوب، ومرائر السيادة والعلو على الأحداث الذين لم يجربوا الأمور، والأغمار الذين لم يجاذبوا الشدائد، فيقول: للفرس المتناهي في القوة والسن، الذي يجري جريه الماء سهولة ونفاذاً، خيرٌ إبقاءً وأبعده غاية من ابن سنتين وهو مهمل لم يستغن به في ركوبٍ ونزول، ولم يرض بإسراجٍ وإلجام. واليعبوب: الفرس الكثير الجري، والجدول الكثير الماء. والعلالة: البقية من الجري وغيره، وها هنا يريد الجري. قال الشاعر:
إلا علالة أو بدا ... هة سابحٍ نهد الجزاره
فالبداهة: أول الجري، والعلالة: آخره. وقوله من الجذع المرخى يروي المرخى بكسر الخاء، والإرخاء: لين في العدو. قال:
وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفل
وإذا روى بفتح الخاء فهو المرسل المهمل النزوع إلى الغاية. وانتصاب علالة ومنزعا على التمييز.
[وقال شبيب بن عوانة]
قضى بيننا مروان أمس قضيةً ... فما زادانا مروان إلا تنائيا
يقول: قضى بيننا هذا الرجل بحكومة تسخطناها، ولم نرض بها، إذ لم يقصد بها صلاح ذات البين، ولا تلافي جمع الشمل، فازددنا بها تبايناً عن الاصلاح