فلا تخذل المولى وإن كان ظالماً ... فإن به تثأى الأمور وترأب
يحثه على استصلاح بني الأعمام، وينبه على أنهم المعتمدون في الشدائد، فيقول: وال لأيام السلامة وأحوال الموادعة والمسالمة من شئت، وإن لم يجمعك وإياه نسبٌ ولا سببٌ، عالماُ بأنه لا يصلح للحرب ومجاذبة الأعداء إلا قريبٌ، وأن من سواه فيها غريب. وقوله ومولاك مولاك تلافى به تحقيق ما قدمه، وتأكيد ما أطلقه، ونفى عنه تسلط المجاز والاتساع. فيقول: مولاك في الحقيقة هو ابن عمك الذي إن استغثت به أبعد ما كان منك أغاثك عن حنوٍ وشفقة، وإن دعوته والكلم يقطر وحبل الألفة ينقطع، أجابك لا بتصنعٍ وتعملٍ، فأما من ولاؤه بالاسم دون المعنى، أو يكون مداجياً لك يجاملك بالغش وينطوي لك على الضغن، يخذلك أحوج ما كنت إليه، ويبعد عنك أقرب ما كنت فيه، فلا معتمد عليه، ولا استنامة إليه. وانتصب طوعاً لأنه مصدرٌ في موضع الحال. ومثل هذا قول الآخر:
أخوك الذي إن تدعه لملمةٍ ... يجبك وإن تغضب إلى السيف يغضب
وقوله ولا تخذل المولى وإن كان ظالماً يجوز أن يكون المعنى: لا تخذله وإن كان ظالماً لك، ويجوز أن يكون على منهاج ما جاء في الخير:" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ". يقول: طالب نفسك لمولاك بمثل ما تطالب به مولاك لنفسك، وانصره على كل حال.
وفي مثل طريقة البيتين الأولين من هذه المقطوعة قول الآخر:
ومن لا يكن ذا ناصرٍ يوم حقه ... يغلب عليه ذو النصير ويضهد
وفي كثرة الأيدي لذي الظلم زاجرٌ ... إذا خطرت أيدي الرجال بمشهد
ومعنى به تثأى الأمور وترأب يريد بالمولى تصلح الأمور وتفسد. ويقال: رأيت الثأي، كما يقال رفعت الخرق.