للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله لله تيمٌ، تيمٌ: رجلٌ من بني يشكر، بارز أبا كرامٍ فقتله، وكان أحد الفرسان، فأخذ أبو كرامٍ يقيم أمره ويعظم شأنه، لأن ثناءه عليه وإكباره لمكانه راجعٌ إليه، إذ صار قتيله. واللام من لله تيمٌ دخلت للتخصيص، والعجب دخل في الكلام أيضاً بقوله أي رمح طراد. وعلى هذا قولهم: لله دره. وهذا التخصيص باللام يجري مجرى الإضافة في قولهم: بيت الله، وكعبة الله، وإن كانت الأشياء كلها لله. وقوله أي رم طراد لاقى الحمام به الضمير في به لتيمٍ، والمعنى: لاقى الموت بتيمٍ أي رمح مطاردةٍ، وأي نصل مجالدةٍ، كأنه كان رمحاً ونصلاً، ومحش حربٍ. ويجوز أن يكون المراد: لاقى الموت به أي سلاحٍ وعدة، وأي مقاتلٍ وبطل. ولك أن ترفع الحمام، والمعنى: لاقى الموت بتيم أي رمح وأي رامح، وأي سيفٍ وأي سائف. ودل على صاحب السيف والرمح قوله " ومحش حرب " في البيت الثاني.

ومحش حربٍ مقدمٍ متعرضٍ ... للموت غير معردٍ حياد

يقال: حششت النار، إذا جمعت الحطب إليها وهيجتها. كأنه جعله آلةً في حش نار الحرب، لأن المفعل والمفعال للآلات. والتعريد: ترك القصد وسرعة الانهزام. والحياد: الذي يحيد عن موضع القتال كثيراً. يريد أنه يقدم ولا يحجم. وانعطف ومحش حربٍ على ونصل جلاد.

كالليث لا يثنيه عن إقدامه ... خوف الردى وقعاقع الإيعاد

مذلٌ بمهجته إذا ما كذبت ... خوف المنية نجدة الأنجاد

يقول: هو في بأسه وإقدامه، مثل الليث لا يصرفه عن الوجه الذي يؤمه، والأمر الذي يهمه، ما يستشعره الجبان من خوف الموت، وقعقعة الوعيد. والقعقعة: صوت الجلد اليابس والبكرة؛ وتوسعوا فيه فقالوا: هال فلاناً قعقعة الوعيد. وقالوا: تقعقعت مفاصله أيضاً.

وقوله: مذلٌ بمهجته كأنه يطول تعرضه للشدائد، ويدوم ابتذاله لما يجب صونه من كرائم النفس، فعل من ضجر بمهجته فاستقتل، واستطاب الموت فتعجل. ويقال: مذل بسره، إذا باح به. والمهجة: خالصة النفس، ومنه الأمهجان في اللبن.

<<  <   >  >>