فإن تبعثوها تبعثوها ذميمة ... قبيحة ذكر الغب للمتغبب
يقول: إن هيجتم الحرب هيجتموها مذمومةً قبيحة ذكر العاقبة لمن يتتبع العواقب فيتدبرها، ويتعهد المصاير فيتأملها. ويقال تغببت الأمر كما يقال تعقبته، أي تفقدت عاقبته وغبه. والغب أصله في ورود الماء والزيارة، وهو ينوب في أسماء الأظماء وغيرها عن الثلث. فأما قولهم: زر غباً تزدد حباً فالمهلة فيه أوسع.
سآخذ منكم آل حزنٍ لحوشبٍ ... وإن كان مولىً لي وكنتم بني أبي
إنما قال هذا لأن بني عمه ضربوا مولىً له، فيقول: سأنتقم منكم يا آل خزنٍ وإن كنتم بني أعمامٍ، وكان حوشبٌ مولى محالفةٍ وجوارٍ. وفي طريقته قول الآخر:
فإن غضبت فيها حبيب بن حبتر ... فخذ خطة ترضاك فيها الأباعد
وروى بعضهم: وإن كان مولائي وكنتم، والبصريون لا يجوزون مد المقصور، لأنه إدخال زيادةٍ على كلامهم، ويجوزون قصر الممدود، لأنه حذفٌ للتخفيف، وردٌ إلى الأصل. وحوشبٌ عند النحويين أنه مما لم يجيء إلا بزيادة الواو، وأنه مثل كوكب. وحكى الخارزنجي أن حشباً اسم رجلٍ، وأنه يقال أحشبني كذا، أي أحشمني.
وقال جميلٌ
أبوك أبوك أريد غير شكً ... أحلك في المخازي حيث حلا
ارتفع أبوك بالابتداء، وكرره تأكيداً، وأربد بدلٌ منه، وخبر المبتدأ أحلك. وانتصب غير على المصدر، وهو مما يؤكد به ما قبله. ومثله حقاً وما أشبهه. والمعنى أن لؤم أبيه موروث، وأنه اقتداءً بسلفه قد أنزل ابنه منزله في المخازي والقبائح، حقاً لا مرية فيه.