للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والطب أصله العلم، والمراد به ها هنا الداء الذي يعلم ويعرف. والبو، أصله: جلد فصيلٍ يحشى تبناً لتدر الأم عليه.

وقال آخر:

إن كنت لا أرمي وترمي كنانتي ... تصب جانحات النبل كشحي ومنكبي

هذا مثلٌ. والمعنى: إذا لم أقصد في خاص أمري، ثم قصدت فيمن يشمله عنايتي، عاد ذلك القصد بالشر والمساءة علي، وصرت كأني أنا المقصود. والجائحات: المائلات، وروى بعضهم جائحات النبل وهي المستأصلات المهلكات. ويقال جاحه واجتاحه بمعنى. وليست هذه الرواية بجيدة، لأن الغرض ما ذكرته من أن من يمسه أمره إذا قصد كان كنفسه. فإن قيل: فلم خص الجانحات؟ قلت: المراد فيما ضرب المثل له: إني رميت إذا رميت الجعبة المعلقة علي، لأن بعض السهام يصيبه وبعضها يصيبني. وإذا كان كذلك فلا بد من ذكر الجانحات. والنبل: اسم صيغ للجمع. والكنانة: ما يغطي به الشيء في الأصل، واختص بها الجعبة وهو من الكن، كالستارة من الستر. وفي القرآن: " وقالوا قولبنا في أكنة ". وقد فصل بين كننت واكتننت، فجعل اكتننت لما يضمر في القلب من الحديث والسر، وكننت لما يستر بشيء. وذكر الدريدي أن الكنانة لا يكون إلا للنبل، ويكون من أدمٍ، فإذا كانت من خشبٍ فهو جفيرٌ، وإن كانت من قطعتين مقرونتين فهي قرنٌ، والجعبة تكون للنبل والنشاب جميعاً.

أفيقوا بني حزنٍ وأهواؤنا معاً ... وأرحامنا موصولةٌ لم تقضب

يقول: اصحوا بني حزنٍ من سكرة جهلكم، وانتبهوا من رقدة غفلتكم، الأهواء بعد متفقةٌ، وأسباب الرحم موصولةٌ، لم يتسلط عليها العقوق، ولم يقطعها الجفاء والنبو. والمعنى: كفوا عما أنتم عليه من سيئات التقاطع والتدابر، قبل تفاقم الخطب، واستفحال الشأن. والقضب: القطع، ومنه قيل للسيف المقضب والقضيب. وقوله معاً في موضع الخبر، أي مجتمعةٌ.

<<  <   >  >>