أظله البين حتى إنه رجل ... لو مات من شغله بالبين ما علما
[وقال جران العود]
أيا كبداً كادت عشية غرب ... من الشوق إثر الظاعنين تصدع
عشية ما فيمن أقام بغرب ... مقام ولا فيمن مضى متسرع
يروى (ياكبدا) والمراد يا كبدي على الإضافة، ففر من الكسرة وبعدها ياء إلى الفتحة، فانقلبت ألفا. ويروى (ياكبدا) والمراد به كبده وإن نكرها، بدلالة أنه وصفها بقوله (كادت عشية غرب من الشوق) ... البيت. وهذه الصفة لم تحصل إلا لها. والمراد أنه تألم مما دهمه من أمر الفراق بعد الاجتماع الحاصل في مواضع الانتجاع، وكأن المجتمعين تحزبوا حزبين، ارتحل أحدهما وصاحبته معهم، وأقام أحدهما بالتهيؤ والاستعداد وهوفيهم، فالمتقدمون ليس فيهم متسرع، لانتظارهم المتخلفين، والمتخلفون لا مقام لهم لاستعجالهم اللحاق بهم. فشكا الحالة الواقعة في أثناء ذلك، وهو مع ذلك يحن ويشتاق. وغرب: موضع. وأضاف المشية إليه تخصيصاً. وفصل بين كاد وبين الفعل الذي تناوله بالظرف على ما اتصل به. و (وإثر) انتصب على الظرف من الشوق، و (عشية) من البيت الثاني بدل من العشية الأولى. وكما أضاف الأولى إلى غرب تبيينا أضاف الثانية إلى قوله (ما فيمن أقام بغرب) تبيينا، وهما عشية واحدة وإن اختلف مبينهما.
[وقال الحسين بن مطير]
لقد كنت جلداً قبل أن توقد النوى ... على كبدي ناراً بطيئاً خمودها
وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي ... إذا قدمت أيامها وعهودها