قبله. وادخر: افتعل من الذخر لكنه ابدل من التاء دالاً فأدغم الدال فيه، فلك أن تقول ادخر ولك أن تقول اذخر.
وهذا الكلام بيان ما يأخذ به نفسه من الصيانة والقناعة، وسلوك طرائق الانقباض عما يشين ولايزين من الانبساط إلى اللئام. فكأنه قال: أبقي على عرضي، لأنه أعز الذخائر لي، وأطوي بطني عن المآكل المردية كما أطوي ردائي، إذ كان التزهد قيما يخزي أولي عندي.
[وقال سالم بن وابصة]
ونيرب من موالي السوء ذي حسد ... يقتات لحمي وما يشفيه من قرم
داويت صدراً طويلاً غمره حقداً ... منه وقلمت أظفاراً بلا جلم
النيرب: النميمة والعداوة وقوله (ونيرب) أراد وذي نيرب، والمصدر وما يجري مجراه إذا وصف به إما أن يكون على حذف المضاف، وإما أن يجعل الموصوف نفس الحدث لكثرة وقوعه منه. فيقول رب ذي نيرب حسود من موالي السوء، يغتابني بظهر الغيب، ويأكل لحمي ولا يشفيه ذلك من قرم. والقرم: شهوة اللحم. والمعنى أنه لايكفيه ما يتناول مني وإن كان لا يألو جهداً في ثلبي. وجواب رب قوله (داويت) من البيت الثاني. ويقتات: يفتعل من القوت، وهو فعل المطاوعة. ويقال: قاته كذا فاقتاته.
ومعنى (داويت صدراً طويلاً غمره) أي صابرته على مداجاته وانطوائه على حقدي، فدفعت شره عن نفسي بطول مداواتي، وفللت حده بترك مكاشفته حتى لم يجد إلى إثارة كامن غمره طريقاً، فاحتاج إلى الإمساك عن أذاتي، لدوام تمسكي بمجاملته شاء أو أبى. وقوله حقداً هو اسم الفاعل من حقد، وهولغة في حقد. يقال حقد يحقد فهو حقود، وحقد يحقد فهو حقد.
بالحزم والخير أسديه وألحمه ... تقوى الإله وما لم يرع من رحمي
فأصبحت قوسه دوني موترةً ... يرمي عدوى جهاراً غير مكتم
الباء من قوله (بالحزم) تعلق بقلمت او داويت من البيت المتقدم. والخير: الكرم، وقيل: هو الهيئة والطبيعة، يقال: هو كريم الخيم والخير جميعاً وقوله