وابن صبحٍ سادراً يوعدني ... ماله في الناس ما عشت مجير
قال الدريدي: يقال أبى فلانٌ أمره سادراً، إذا جاءه من غير جهته. يقول: وهذا الرجل مع ما ذكرت من قصتي في الحرب يتهددني ساهياً لاهياً، وما له عاصمٌ مني في الناس ما عشت. وموضع ما عشت ظرفٌ، بيانه أن ما مع الفعل في تقدير المصدر، واسم الزمان محذوف معه، كأنه قال: مدة عيشي.
[قيس بن الخطيم الأوسي]
طعنت ابن عبد القيسٍ طعنة ثائرٍ ... لها نفذٌ لولا الشعاع أضاءها
الشع والشعاع: المتفرق. ومنه شع الغارة، وتطاير القوم شعاعاً. يقول: طعنت هذا الرجل طعنة طالبٍ بالدم فاتكٍ لا بقيا معها، ولا تقصير في المبالغة فيها، لها نفذٌ، أي خرقٌ، لولا انتشار الدم لأضاءها. وأضاءها جواب لولا، والمبتدأ وهو الشعاع خبره محذوف، كأنه قال: لولا الشعاع مانعٌ لأضاءها النفذ. ومن روى الشعاع بضم الشين، فإنه يريد به نور الشمس. والأول أجود وأشهر. ويقال: أشعت الشمس، إذا امتد نورها وانتشر.
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائماً من دوها ما وراءها
يروى: يرى قائمٌ من دونها من وراءها وما وراءها، ويروى: يرى قائماً أيضاً. ويقال: ملكت العجين وأملكته، إذا بالغت في عجنه وشددت وكان الأصعي يمتنع من أملكت، فيكون المعنى شددت بهذه الطعنة كفى ووسعت خرقها حتى يرى القائم من دونها الشيء الذي وراءها. وهذا التفسير في ملكت تفسير القدماء. ويجوز أن يكون معنى ملكت بها كفي أي تمكنت من فعلها، فأطقت تصريف كفي في إيقاعها على مرادي. وهذا كما يقول: أنا أملك هذا الأمر، إذا كان قادراً عليه. وكأنه