للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجوز أن يكون أسيراً لهم ولم يكن عندهم، فأفاد أنه أسيرهم وحاصلٌ بحضرتهم. وكذلك قوله في السلاسل يجوز أن يكون في موضع الحال ويكون العامل فيه ما عمل في الظرف، فيكون تقديره بحضرتهم مقيداً، ويجوز أن يكون العامل في عندهم ما دل عليه قوله في السلاسل من الفعل.

لعمري لقد عمرتم السجن خالداً ... وأوطأتموه وطأة المتثاقل

هذا الكلام تفظيعٌ للأمر الذي ركبوه، وإعلامٌ منه بأنهم أتوا قبيحاً من الأمر منكراً، عم وباله الناس وظهر تأثيره فيهم. فهذا فائدة اليمين وجوابها. وقوله عمرتم أي أدمتم سجنه وأطلتم حبسه، كأنهم جعلوا خالداً للسجن عمره. والعمر: السنون ولاحين، ومنه قوله تعالى: " لقد لبثت فيكم عمراً ". وقوله وأوطأتموه وطأة المتناقل يجوز أن يكون وطأة مصدرا من أوطأتموه وإن لم يكن من لفظه، وهذا كما يجعل العطاء موضع الإعطاء، والجابة موضع الإجابة. والمفعول الثاني محذوف، كأنه قال: أوطأتموه السجن أو الأرض إبطاء المتثاقل، أي أثقلتموه. ويجوز أن يريد: أوطأتموه فوطئ وطأة المتثاقل أي يفعل فعل المتثاقل وإن لم يكن معه تثاقل، هو يطأ عقبه.

وقال مهلهلٌ

نبيت أن النار بعدك أوقدت ... واستب بعدك يا كليب المجلس

وتكلموا في أمر كل عظيمةٍ ... لو كنت شاهدهم بها لم ينبسوا

كان كليب وائلٍ لا توقد مع ناره للضيفان نارٌ في أحمائه، وفيما يقرب من منازله وأوطانه، بل يتفرد بذلك لا مباري له ولا مشارك؛ وكان إذا حضر مجلسه الناس لا يجسر أحدٌ أن يجاذب غيره أو يفاخره أو يسابه، إعظاماً لقدره وإجلالاً لشأنه وأمره، فيقول على وجه التحسر: خبرت أن نيران الضيافة بعدك أوقدت لسقوط

<<  <   >  >>