للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها بطشنا جبارين. أي نحلم بجهدنا ومقدار طاقتنا فإذا أحرجنا فخرجنا عن العادة كانت أفعال أيدينا أفعال الجهال الذين لا رعة تردعهم، ولا رقة تضبطهم. وقوله ونشتم بالأفعال، يقول: نجعل جزاء الشتم والمنقصة والثلب الفعل لا القول، إذ كان القول يذهب أدراج الرياح، والفعل يبقى أثره على مر الأيام. وقوله إن التمادي في الذي كان بيننا بكفيك توعدٌ. يقول: أمر اللجاج والاستمرار فيما يزيد ما بيننا فساداً أنت قادرٌ عليه، ومتمكنٌ من اختياره، فإن شئت فتقدم فيه، وإن شئت فتأخر عنه. ويقال استأخر واستقدم وتأخر، بمعنىً واحدٍ.

؟؟

[وقال أمية بن أبي الصلت]

غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً ... تعل بما أدني إليك وتنهل

إذ اليلةٌ نابتك بالشكو لم أبت ... لشكوك إلا ساهراً أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني وعيني تهمل

اعتد عليه بما تجشمه فيه بعد أن كان السبب في إبدائه وإنشائه، وبما أعد له وتكفل به، من ابتداء الطفولة إلى انتهاء الشباب واستكمال القوة، إذ كان جارحه ومربيه، والقائم بمؤنه على اختلاف سنيه. ويقال غذوتك غذواً. والغذاء: الطعام والشراب. ويقال غلامٌ يافعٌ ويفاعٌ ويفعٌ، وقد أيفع وأصله الارتفاع، ومنه اليفاع من الأرض والجبل. وقوله علتك أي أنفت عليك. يقول: ربيتك لما ولدت، ومنتك حين أيفعت، وفي تلك المدة تسقى العلل والنهل، وتطعم الحار والبارد، وتكسى اللين والخشن، كل ذلك مما أجمعه لك، وأدنيه منك، وبعد أن أقيك من المحاذر، وأحفظك دون المتالف، شفقةً عليك، واهتماما بشأنك، فإن طرقتك ليلةٌ بشكاةٍ تؤذيك، أو عارضٍ يضنيك، سهرت طول تلك الليلة لا أهدأ قلقا، ولا أستنهض لدفع ما أجده سكناً، ولا أستلين مهاداً، ولا أثني لمقر رأسي وساداً، بل أتلوى وأضطرب، وأتململ على فراشي وأتقلب، حتى كأني المختص بما أشكاك، والمدهي بما دهاك، لا يحف مدمعي، ولا يوطؤ مضجعي. وقوله تعل بما أدني يجوز أن

<<  <   >  >>