للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله وتاميلي هلالاً عن هلال، أي بعد هلال. ومما جاء فيه عن بمعنى بعد قولهم: سادوك كابراً عن كابر، لأن معناه كبيراً بعد كبير. والمراد: شغله أمله بما يتاح له في مؤتنف الأيام من الخير، والتمكن من المراد.

[وقال عبد الله بن الحشرج]

ألا كتبت تلومك أم سلم ... وغير اللوم أدنى للسداد

وما بذلي تلادي دون عرضي ... بإسراف، أميم، ولا فساد

يقول: خاطبتني هذه المرأة تعتب علي، واستعمال غير اللوم أقرب في تسديدي وإرشادي، إذ كان اللوم ربما يعود إغراءه، ولا سيما إذا تكلف فيما لا يستحق فيه، فما إعطائي مالي القديم في وقاية نفسي بإسراف فينكر، ولا بإفساد فأعتب. وقوله تلومك في موضع الحال، أي لائمة لك. وخاطب نفسه في البيت الأول، ثم نقل الاخطاب إلى الأخبار، على عادتهم في كلامهم.

فلا وأبيك لا أعطى صديقي ... مكاشرتي وأمنعه تلادي

ولكني أمرؤ عودت نفسي ... على علاتها جرى الجياد

محافظة على حسبي وأرعى ... مساعي آل ورد والرفاد

أخذ يخاطبها مجيباً عن كتابها، ومخبراً عن طرائقه وأخلاقه، فيقول: أنا وحق أبيك لا أرضى صديقي بأن أكشر في وجهه إذا لقيته - والكشر: إبداء الأسنان بالضحك - ثم أمنعه مالي وأحرمه خيري. وقوله وأمنعه عطف على أعطى، فرفعه. والمعنى: لا أكشر للصديق ولا أمنعه تلادي، يريد لا أضاحكه باسطاً من أمله، وقابضاً يدي عن بذله. زمثله في القرآن: " ولا يؤذن لهم فيعتذرون "، لأن المعنى لا يؤذن لهم ولا يعتذرون. ولو رويت وأمنعه بالنصب كان جائزاً، ويكون انتصابه بأن مضمرة، ويكون كقولهم: لا يسعني شيء ويعجز عنك. والمعنى: لا يسعني شيء عاجزاً عنك، فكذلك هذا وتقديره: ما

<<  <   >  >>