ذمرٌ وذميرٌ، إذا كان منكراً داهيةً. ويقال ذمرت الرجل إذا حضضته، وتذامر القوم في كذا إذا تحاضوا. والمعنى: رب مكانٍ ضيقٍ دقيق، لا تثبت عليه الأقدام، أنا قمت به حامياً لما يحق على حمايته، والعيون ترمقني والنفوس تتطلع إلى ما يكون مني، وتتنسم أخباري فيه وبلائي. وقوله وترميني به الحدق جعل الفعل على التوسع للحدق، وإنما هو للناظرين بها. ألا ترى أنه يقال رماني القوم بأبصارهم. وموضع أحمى الذمار موضع الحال.
فما زلقت ولا أبليت فاحشةً ... إذا الرجال على أمثالها زلقوا
يقول: استقمت في فعلي، وتثبت في موقفي، ولم أتعثر فيما صرفت القول فيه، ولم أتزلق عندما حاضرت به ودافعت عنه، ولم أقدم على ما يعد سقطةً مني أو يشينني، إذا تحدث به عني في وقتٍ تكثر زلات الرجال في مطالعة أمثاله من المواقف، وتبطل دعاويهم المتقدمة لما يظهر من عجزهم، وسوء استمساكهم. وجواب إذا فيما تقدم. والمعنى: إذا زلق الرجال في أمثاله من المقامات ثبت أنا.
[وقال آخر:]
إن أك قصداً في الرجال فإنني ... إذا حل أمرٌ ساحتي لجسيم
قد تقدم القول في حذف النون من أك. ومعنى البيت إن كان في خلقتي اقتصادٌ فلم أبلغ غايات الجسام، فإن غنائي في النوائب إذا نابت، واهتدائي لوجوه الخروج منها إذا حزبت، يحكمان لي بجزالة الرأي وجسامة النفس؛ لأن الرجل بقلبه ولسانه، لا بجسمه وجثمانه. وفي هذه الطريقة قوله:
إذا كنت في القوم الطوال أصبتهم ... بعارفةٍ حتى يقال طويل
والساحة: فضاءٌ بين دور الحي، وكما قيل على التوسع نزل بساحته أمرٌ، قيل أيضاً نزلت بعقوته خطوبٌ.
[وقال عامر بن الطفيل]
قضى الله في بعض المكاره للفتى ... برشدٍ وفي بعض الهوى ما يحاذر