للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله " ألا حبذا " المحبوب محذوف، كما حذف المحمود في قولهتعالى: " نعم العبد إنه أواب "، والمراد حبيب إلى التهتك في الهوى، وتجاوز المألوف فيه إلى المستشنع القبيح، لولا الحياء، على أني ربما منحت هواي مالا مطمع في بلوغه ودنوه. وهذا كما قال أبو تمام:

غالي الهوى، مما يرقص هامتي ... أروية الشعف التي لم تسهل

وقوله " بأهلي ظباء " رجوع منه إلى استلذاذ الهوى وإظهار التجلد فيه، فيقول: أفدي بأهلي نساء من ربيعة عامر، عذاب المباسم، حسان الثغور والمضاحك، عظيمات الأكفال، مشرفات الأرداف.

والحقائب: جمع الحقيبة، وهي عجز الرجل والمرأة جميعاً. ويقال: امرأة نفج الحقيبة. والقصد بالتفدية في قوله " بأهلي ظباء " إلى صاحبته، وإن كان لفظه عاماُ لها ولغيرها.

[وقال بعض بني أسد]

تبعت الهوى يا طيب حتى كأنني ... من أجلك مضروس الجرير قؤود

تعجرف دهراً ثم طاوع أهله ... فصرفه الرواض حيث تريد

وإن ذياد الحب عنك وقد بدت ... لعيني آيات الهوى لشديد

يقول: أعطيت الهوى مقادتي فيك، فتبعته حيث جرني، لاأتمنع عليه، ولا أطلب معدولاً إليه، حتى صرت كأنني بعير قد عضه الجرير فلان وانقاد.

والجرير: جبل مضفور من أدم. والضرس: العض. والقؤود: فعول في معنى مفعول، فهو كالقتوب والركوب، والهمزة فيه بدل من العين.

وقوله " تعجرف "، أي أخذ غير القصد زماناً، لأنه كان صعباً ثم تذلل ودخل في طاعة مداوره، وهذا مثل ضربه للنفس في ابتداء هواه، وأنه تأبى عليه مدة، فتردد بين جده وهزله، واقتساره وليانه، حتى ركب منه كل مركب، واستوطأ ظهره كل كل استيطاء. فهذا معنى " وصرفه الرواض حيث تريد ".

<<  <   >  >>