للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوائلها. وقوله " بكتيبةٍ أمثالها "، لو قال مثلها لجاز، ولكنه جمع على معنى طوائف الكتيبة، لاختلافها.

[وقال الفند الزماني]

يا طعنة ما شيخٍ ... كبيرٍ يفنٍ بال

تقيم المأتم الأعلى ... على جهدٍ وإعوال

ما من قوله " ما شيخٍ " زائدةٌ، أراد طعنة شيخٍ، وهذا اللفظ لفظ النداء، والمعنى معنى التعجب والتفخيم، كأنه أراد: ما أهولها من طعنةٍ، ويا لها من طعنة بدرت من شيخ كبير السن، فاني القوى، بالي الجسم. واليفن: الشيخ الهرم. قال الأعشى:

وما إن أرى الموت فيما خلا ... يغادر من شارخٍ أو يفن

ويجوز في قوله يا طعنة ما شيخٍ، أن يكون المنادى محذوفاً، فيكون التنبيه ب " يا " متناولاً غير الطعنة، وينتصب على هذا طعنة بفعلٍ مضمرٍ، كأنه أراد: يا قوم أذكر طعنة شيخٍ. كما قال:

فيا شاعراً لا شاعر اليوم مثله ... جريرٌ ولكن في كليبٍ تواضع

وقوله " تقيم المأتم الأعلى " من وصف الطعنة، فكأنه كان تناول بها رئيساً، فلذلك وصف المأتم بالأعلى. والمأتم أصله أن يقع على النساء يجتمعن في الخير والشر، واشتقاقه من الأتم، وهو الضم والجمع، ومنه الأتوم وهي المرأة التي صار مسلكاها مسلكاً واحداً، وأراد بالمأتم هنا الاجتماع للرزيئة، وهو ببنيته مصدرٌ وصف به. ويجوز أن يراد به أهل المأتم، فحذف المضاف كما يقال جاء المجلس، والمراد أهل المجلس. وقوله " الأعلى " يراد به الأفظع شاناً. ووصف الطعنة بأنها تقيم الجمع على مجاهدةٍ وبلاءٍ، وإسرافٍ في الصياح والعواء، أي تديم ذلك له. والعويل والعولة: صوت الصدر.

<<  <   >  >>