للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلباً للتلاحق معها، فاستخفها ونشطها مغنيان بالحداء، وسائق يحدوها حتو وصلوا، فلما رأوا أنفسهم قد فقدت مدركاً، يعني المرثى، أمسكوا على أكبادهم خوفاً من تصدعها، إذ لو أدركوا حياً لم يكن بينهم وبين الغنى إلا مالا يعد حاجزاً ولا مانعاً.

إن قيل: لم جاز لما رأوهم، والفاعلون هم المفعولون، وأنت لا تقول ضربتني ولا ضربتك، بل تأتي بدل ضمير المنصوب بالنفس، تقول: ضربت نفسي وضربتنفسك؟ قلت: إن أفعال الشك واليقين جوز فيها ذلك. تقول: حسبتني ورأيتك وعلمتني، لمخالفتها سائر الأفعال في دخولها على المبتدأ والخبر. وقوله (تؤوبها أنضاؤها) في موضع الحال من الركاب.

[وقال الشماخ]

في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

جزى الله خيراً من أمير وباركت ... يدالله في ذاك الأديم الممزق

فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق

يقول: جزاه الله عن الرعية خيراً من بين الأمراء، وباركتنعمة الله - تعالى جده وإحسانه - في أديمه الممزق، يعني جلد عمر رضي الله عنه، ومنه برك البعير بروكاً. وبراكاء القتال: حيث يبتركون، أي يبحثون، على ركبهم. وقوله (فمن يسع) يريد أن شأوه في الإيالة واستصلاح الرعية وتفقد مصالحهم لا يدرك، فمن أراد بلوغه والارتقاء إلى غايته بقي حسيراً مسبوقاً ولوركب جناح النعامة. يريد: لو أسرع إسراعها. وقوله (بالأمس) ذكره على طريق تقريب الأمد. وقوله (يسبق) هو جواب الجزاء.

<<  <   >  >>