للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبجح بأنهم نالوا أكثر أنواع اللذات، من شرب وقصف، وتنزه ولهو، ومعاشرة وطرب، وتسخ وإفضال، وتند على الندماء وإكرام، وتترف وتعطر، وتمتع بالنساء وتغزل. وقوله فيا عجبا إنما تعجب من استمرار الوقت بمثل العيش الذي وصف، وكيف سمح الزمان به ثم غفل عنه حتى اتصل. والمسمعات: المغنيات. والسماع: الغناء. وذكر الحميم لتنعمهن، ولأن بلادهن كانت صروداً. وعلى هذا قال عمرو بن كلثوم:

مشعشعة كأن الحص فيها ... إذا ما الماء خالطها شخينا

قال ابن الأعرابي: سخيناً حال بمعنى مسخن، لأن البرد اقتضاهم بذلك الماء.

وقوله فبتنا بين ذاك يريد أن حاضر وقتهم كان على ذلك ثم تغير.

نطوف ما نطوف ثم يأوى ... ذوو الأموال منا والعديم

إلى حفر أسافلهن جوف ... وأعلاهن صقاح مقيم

يقول: يكثر الواحد منا التطواف على اللذات، والتجوال في الأطراف لطلب البطالة، وليس مآل الجميع مقترناً وغنينا إلا حفر، يعني بها القبور. ثم وصفها بأنها جوف الأسافل للحودها، وأن أعاليها نصبت عليها حجارة عراض كالسقوف لها، وهي دائمة على هذه أبداً.

وقوله نطوف ما نطوف أي مدة تطوافنا. ويقال: أوى إلى كذا أويا.

[وقال إياس بن الأرت]

هلم خليلي والغواية قد تصبي ... هلم نحي المنتشين من الشرب

نسل ملامات الرجال برية ... ونفر شرور اليوم باللهو واللعب

قوله والغواية قد تصبي اعتراض، وكرر هلم على طريق التأكيد. والفائدة في هذا الاعتراض تحقيق القصة المدعو إليها.

وللعرب في هلم طريقتان: منهم من يحريه مجرى أسماء الأفعال، وحينئذ يقع الواحد والجمع مؤنث والمذكر على حالة واحدة، والقرآن نزل به، لأنه قال

<<  <   >  >>