تعالى ذكره:" يقولون لإخوانهم هلم إلينا ". ومنهم من يجعل أصلها ها التبيه ضم إليه لم، وهو فعل، جعلا معاً كالشيء الواحد، فيثنبه ويجمعه ويؤنثه. وكان الفراء يقول: هو هل أم تركبا معاً. وليس لهل في الكلام إلا موضعان: أحدهما - وهو الأكثر - أن يكون للاستفهام؛ ولا معنى للاستفهام ها هنا. والثاني: أن يكون بمعنى قد، على ذلك فسر قوله تعالى " هل أتى على الإنسان "، وليس لمعنى قد في هذا مدخل. وإذا كان كذلك فما قاله فاسد. وقوله والغواية قد تصبي يريد أن الغي يدعو صاحبه إلى أمور كثيرة مختلفة، وقد يحمله على الصبا واللهو في الوقت بعد الوقت. وطلب من صاحبه مساعدته على تحيته للشرب، والدخول في جملتهم، وتسلية النفوس عن ملامات من يدعو إلى الرشاد، ويحمل على سلوك طرق الصلاح والسداد، بشرب رية، وهي الكأس الممتلئة خمراً، وقطع وقت الشر والغم باللهو واللعب. وقوله نسل في موضع الجزم، لأنه جواب الأمر. ونفر، معطوف عليه. ويقال: فريت الأديم، إذا قطعته على جهة الصلاح، وأفريته إذا قطعته للفساد.
إذا ما تراخت ساعة فاجعلنها ... لخير فإن الدهر أعصل ذو شغب
فإن يك خير أو يكن بعض راحة ... فإنك لاق من غموم ومن كرب
قوله: إذا ما رتاخت ساعة فاجعلنها في طريقته ماأنشده ابن الأعرابي:
إذا كان يوم صالح فاقبلنه ... فأنت على يوم الشقاوة قادر
وقوله فإن الدهر أعصل، العصل: اعوجاج الأنياب. قال الخليل: ولا يقال أعصل إلا لكل معوج فيه صلابة وكزازة. والمعنى: أن ما يعض عليه الدهر لا يمكن انتزاعه منه، كما لا يمكن انتزاع الشيء من الناب التي فيها عصل. والشغب: تهييج الشر. ويقال: رجل مشغب.
وقوله فإن يك خير أو يكن بعض راحة، يريد أن الدهر لا تصفو أحواله من الكدر، ولا عطاياه من التعب والأذى، فلا تعنه على نفسك، واجتهد في إصلاح ما يفسده، وإلأقاء ما يشق منه. وقوله فإنك لاق من غموم، من زائدة على مذهب الأخفش، كأنه قال: إنك لاق غموماً. وسيبويه لا يرى زيادة من في