الواجب، فطريقته في مثله أنه صفة لمحذوف، كأنه قال: إنك لاق ما شئت من غموم.
وقال آخر:
أحب الأرض تسكنها سليمتي ... وإن كانت توارثها الجدوب
وما دهري بحب تراب أرض ... ولكن من يحل بها حبيب
يذكر حنينه إلى محل سليمى ومكانها، وميله وإن كان قفراً متردداً في الجدوبة متناهياً أقطاره في اليبوسة، وأن ذلك زعيله لكونها به، فأما حب الأرضين مجردة فليس من دأبة وعادته. وقوله وما دهري بحب تراب أرض، جعل الحب للدهر على طريقتهم في قولهم: نهاره صائم، وليله قائم. والمعنى: ليس حب الأرضين مني بعادة في دهري، وقوله ولكن من يحل بها حبيب يشبه قول الآخر:
ألا يا بيت بالعلياء بيت ... ولولا حب أهلك ما أتيت
يريد أن بيوت في الموضع الذي جئت منه قد كثرت، ولكني قصدتك لحب أهلك. وقوله توارثها أي تتوارثها. فحذف إحدى التاءين استثقالاً. وقد مضى مثله.
أعاذل لو شربت الخمر حتى ... يكون لكل أنملة دبيب
إذن لعدرتني وعلمت أني ... بما أتلفت من مالي مصيب
كأن عاذلة أفرطت في لومه على ما يدمنه من الشرب، ويذهب فيه من طرق اللهو، فقال لها: لو شربت الخمر فأخذت منك، ودبت في عروقك ومفاصلك، وجمعت السار لك، وكشفت أنواع الغم عنك، لعرفت من لذاتها ومنافعها، وحدوث الطرب والجذل في النفوس لها، واستمتاع الروح بنشوتها وقواها، ما يبعثك على بسط عذرى في الولوع بها، والثبات على هواها، ولعلمت أني راكب ثبح الصواب، وغير