للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله:

فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

ويقال عكر واعتكر بمعنى عطف، وإنه لعكارٌ في الفتن، إذا كان ثابت القدم.

إني امرؤٌ تجد الرجال عداوتي ... وجد الركاب من الذباب الأزرقٍ

يقول: إني رجلٌ ينال أعدائي من عداوتهم لي ما ينال الإبل من الذباب الأزرق، وهذا الجنس من الذباب يتأذى به الإبل تأذي الحمر بالنعر أو أشد. وعداوتي ينتصب على المفعول. كأنه قال: يجد الرجال من عداوتي، فحذف حرف الجر ووصل الفعل فعمل. يدل على ذلك قوله. " وجد الركاب من الذباب ". ومثله:

أستغفر الله ذنباً لست محصيه

وقوله " عداوتي " يجوز أن يكون مضافاً إلى الفاعل، أي عداوتي لهم، ويجوز أن يكون مضافاً إلى المفعول، أي عداوتهم لي ومعنى تجد تحزن، ولذلك كان الوجد مصدره. ويجوز أن يكون تجد بمعنى تعلم، ويكون عداوتي المفعول الأول ووجد الركاب المفعول الثاني. والمعنى: إن عداوتهم لي تقلقهم وتنزيهم، فيعلمها الرجال مثل وجد الركاب من هذا الجنس من الذباب؛ أي ينالون منها ما ينال تلك منهم. ويحصل في البيت تجنيسٌ حينئذ.

[وقال الحصين بن الحمام]

فقلت لهم يا آل ذبيان مالكم ... تفاقدتم لا تقدمون مقدما

يقول: قلت لهؤلاء القوم: ما لكم تحجمون ولا تقدمون، فقد بعضكم بعضاً ولا اهتدى أحدكم إلى الآخر. وهذا الكلام تضجرٌ منه بهم لما تخاذلوا ولم يكونوا عند الظن فيهم. ووضع مقدماً موضع الإقدام، وساغ ذلك لأن مصادر الكلمات

<<  <   >  >>