للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصادرة عن أصلٍ واحدٍ يوضع بعضها موضع البعض لداعٍ يدعو إذا لم يكن ثم مانعٌ. وإنما قلت هذا لأن قدم يكون مرةً متعدياً، ومرة يكون بمعنى تقدم ولا يتعدى، ومقدماً ها هنا مصدر ما لا يتعدى، فهو مثل تقدم لو قاله، ومنه مقدمة الجيش، يراد متقدمته. وقوله " تفاقدتم " اعتراضٌ بين ما لكم وبين لا تقدمون، وهو دعاءٌ عليهم. ومثله في الأمرين جميعاً قول الآخر:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وإن كان هذا دعاء خيرٍ.

مواليكم مولى الولادة منهم ... ومولى اليمين حابساً متقسماً

إنما قسم المولى هذه القسمة لأن المولى له مواضع في استعمالهم، منها المولى في الدين: وهو الولي. على ذلك قول الله تعالى: " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم "، وقول النبي عليه السلام: " من كنت مولاه فعليٌ مولاه "، وقوله عليه السلام: " مزينة وأسلم وغفارٌ موالي الله ورسوله ". ومنها العصبة وبنو العم، وهو الذي سماه الشاعر مولى الوالدة. ومنها الحليف، وهو من انضم إليك واعتز بعزك وامتنع بمنعك، وهو سماه مولى اليمين؛ لأنه يقسم له عند الانضمام بذلك، وهو المعتق لك ينتسب بنسبك، وأنت مولاه وذاك مولاك. وهم يقولون: إن المولى لا يكاد يفضل الصميم، قال:

وليس أبير كم كأبير سوءٍ ... وما جعل الموالي كالصميم

يقول تداركوا الذين ينتسبون بالولاء، ولاء النسب، وولاء الحلف والنصرة، فكلٌ منهم ذو حبسٍ على الشر متقسم الحال، متوزع المال مغارٌ عليه، فما لكم لا تمتعضون ولا تنكرون.

وقوله: " حابساً " في معنى محبوسٍ؛ لكنه أخرجه مخرج النسب؛ أي ذو حبسٍ، وانتصابه على الحال. وقوله " مواليكم " على هذا انتصب بفعل مضمرٍ، كأنه قال: أغيثوا مواليكم وتداركوا. ويروى " حابسٌ قد تقسما ". وقيل هو اسمٌ علم، وارتفاعه

<<  <   >  >>