فأجريهم مجرى واحداً. وهذا أبلغ من كل نكير، ومن كل هجو فظيع. وسواء وإن كان في الأصل مصدراً؛ فقد صار هنا كأسماء الفاعلين لنيابته عنها، لذلك صح أن يعمل في الظرف قبله وهو قوله في الوفاء، لأن المصادر لا تعمل فيما قبلها إلا إذا أمر بخا، كقولك: صرباً زيداً، أو إذا أجرى هذا المجرى. وقوله لهم أذرع صفة للعصبة المازنية. وهم يتمدحون بالهزال. والنواشر: عروق ظاهر الذراع. وقوله وبعض الرجال في الحروب غثاء، تعويض بالآخرين، وهم بنو عدى. والغثاء: ما يعلو السيل من الغثر والزبد. والمعنى: بعضهم لاغناء عنده ولا كفاية، كيبيس النبات وقد احتمله الماء.
وقوله كأن دانيراً على قسماتهم، القسمات: الوجوه، وقيل هي مجاري الدموع. ويقال: وجه مقسم، أي حسن، والقسامة: الحسن. ومرجعه إلى القسمة، كأنه مسح كل جزء من الوجه بقسم من الجمال، فتعادلت الأجزاء وحسنت. وقوله وإن كان قد شف الوجوه لقاء تعريض أيضاً، والمعنى أن وجوههم تشرق في الحرب وتضيء، إذا صارت وجوه غيرهم مشفوفة متغيرة. ويقال: شفة المرض، إذا أذابه وهزله. وذكر الدنانير في إثبات ماء الوجه ونضارة الحسن قد جاء في النسيب، ألا ترى قوله:
النشر مسك والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكف عنم
[وقال شمعلة بن الأخضر]
وضعنا على الميزان كوزاً وهاجراً ... فمالت بنو كوز بأبناء هاجر
ولو ملأت أعفاجها من رثيئة ... بنو هاجر مالت بهضب الأكادر
ولكنما اغتروا وقد كان عندهم ... قطيبان شتى من حليب وحازر
هذا الكلام هزء وسخرية. فيقول: نظرنا ما بين كوز وهاجر بالمقياس القائم، والميزان الحاكم، فوجدنا كفة بني كوز أرجح وأوزن، ولو علمت بنا وبفعلنا لملأت