للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتركتهم تقص الرماح ظهورهم ... من بين منعفرٍ وآخر مسند

قوله تقص أي تكسر في موضع الحال لهم. وكذلك قوله من بين منعفرٍ وآخر مسند والعامل في الأول تركتهم، وفي الثاني تقص. يقول: فارقتهم والرماح تختلف بالطعن بينهم، وتكسر ظهورهم، فهم من بين مصروع ألقي في العفر، وهو التراب، وآخر مطعونٍ أو مجروحٍ، وقد أسند إلى ما يمسكه وبه رمق.

ما كان ينفعني مقال نسائهم ... قتلت خلف رجالهم لا تبعد

قول ما كان يجوز أن يكون ما استفهاماً وكان تجعله الناقصة، ويجوز أن يكون نفياً وتجعل كان مؤكدةً، ونبه بهذا الكلام على أنه لو ثبت لم ينفعه الثبات. فيقول: أي شيء كان ينفعني قول النوادب لي لا تبعد وقد قتلت. ومعنى لا تبعد: لا تهلك. يقال بعد، إذا هلك، وبعد إذا نأى. وكانوا يدلون بهذه اللفظة عند الندبة بها على مساس الحاجة إلى حياة المندوب، وقلة الاستغناء عنه. وإذا كان كذلك فالوجه أن يندب به من كان محمود الحياة، وعزيز الفقدان. وقوله خلف رجالهم نبه على أنه لو ثبت لكان يدفع وجه الكتيبة، ويصير واقياً لأصحابه، وحائلاً بين الأعداء وبينهم، فلا يمكنهم تجاوزه إلا وقد فرغوا منه. فلهذا قال وقتلت خلف رجالهم. وموضع لا تبعد وهو حكايةٌ، رفعٌ أو نصبٌ على أنه بدلٌ أو مفعولٌ من مقال نسائهم. وقوله وقتلت، في موضع الحال للمضمر في ينفعني، والعامل فيه مقال أيضاً، وخلف رجالهم حالٌ للمضمر في قتلت.

وقال بعض بني أسدٍ

يديت على ابن حسحاس بن وهبٍ ... بأسف ذي الجداة يد الكريم

إنما عدي يديت بعلي، لأنه أجرى مجرى أنعمت. وهم يحملون النظير علىالنظير، كما يحملون النقيض على النقيض. وقال الأخفش: يقال يديت عنده وأيديت جميعاً، إذا اتخذت عنده صنيعةً، وإن كانت أيديت في هذا المعنى أشهر من يديت،

<<  <   >  >>