للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعبد المستهان به، الممتهن في العمل. يقال: كم أعسف عليك، أي كم أعمل لك. وقوله يشتد عقبته انتصب عقبته على الظرف، أي وقت عقبته، كأنه يعاقب الركوب غيره. يقال هما يتعاقبان للركوب بينهما، أو الأمر يركب هذا عقبة وهذا عقبةً. والعقبة قيل فرسخان. ويشتد: يفتعل من الشد: العدو. وبعضهم يرويه " تشتد عقبته " بالرفع، ويجعل تشتد من الشدة، أي تشتد عقبته عليه، والصواب ما قدمته. والمعنى: ولا غنائي أيضاً غناء الأجير الذي يعدو عقبته ووقت عقبته، وليس يريد أن له عقبةً فيتركها ويعدو، لكن المعنى إذا كان لغيره نوبةٌ في الركوب لمعاقبته صاحبه، فنوبته الشد والخدمة حتى يأتي عليه المساء وقد تقطع ما بقي عليه من حذائه. وقوله " وباقي نعله قطع " في موضع خبر يبيت، تقديره: حتى يبيت منقطع باقي النعل.

لا يحمل العبد فينا فوق طاقته ... ونحن نحمل ما لا تحمل القلع

يقول: العبد المستخدم فينا لا نكلفه إلا دون ما يطيقه، إبقاءً عليه، وتركاً لاستنفاد وسعه، ونحن نحتمل من مشاق الأمور، ومثقلات الأعباء ما لا تطيقه الجبال. والقلع: جمع قلعةٍ، وهي الهضاب العظام، وبها سمي الحصن المبني على الجبل قلعةٌ. ويقال أقلع فلانٌ قلاعاً، إذا يناها؛ وبها سميت السحاب العظام قلعاً أيضاً.

منا الأناة وبعض القوم يحسبنا ... أنا بطاءٌ، وفي إبطائنا سرع

الأناة: الرفق. يقول: نستأني في الأمور فعل الحازم ذي الرأي السديد، والتأمل اللطيف، الذي ينظر فيما له وعليه، فيدري كيف يورد ويصدر، ويبرم وينقض، ولا نتهجم فيما نزاوله فعل العجول الأخرق الذي لا يتتبع العواقب، ولا يتجنب المقابح، فلا يبالي أياً سأخذ ويدع. وكثيرٌ من الناس يظن بنا تباطؤاً في المهمات وتثاقلاً، والذي يعدونه بطئاً فهو سرعةٌ، لأنا نترك كل ما تتولاه مفروغاً منه محكماً، لا تفاوت فيه فيحتاج إلى استئناف تدبر، واستحداث نظر وتتبع.

؟؟

[وقال عمرو بن مخلاة الكلبي]

ويومٍ ترى الرايات فيه كأنها ... حوائم طيرٍ مستديرٌ وواقع

<<  <   >  >>