لحافي لحاف الضيف والبيت بيته ... ولم يلهني عنه غزال مقنع
أحداثه إن الحديث من القرى ... وتعلم نفسي أنه سوف يهجع
يقول: إذا نزل الضيف بي فإني أوثره بأشرف مكان من بيتي، وأعز فراش لي، ولم يشغلني عنه لا الأهل ولا الولد، فأخدمه وأؤنسه، وأبسط منه وأخرفه، وكل ذلك من شرط القرى وإن لم يكن طعاماً؛ ومع ذلك تعلم نفسي وقت هجوعه فلا أمله ولا أتعبه، ولا أشغله عن راحته ولا أضجره. فإن قيل: كيف تحمد بقوله أحدثه إن الحديث من القرى، وقد قال غيره في إنزال الضيف ولم أقعد إليه أسائله؟ قلت: ليس قوله أحدثه مما انتفى منه ذاك في قوله ولم أقعد إليه أسائله؛ لأن ذاك أشار إلى ابتداء النزول، وذلك وقت الاشتغال بالاحتفال له أولى. وهذا يريسد أنه يحدثه بعد الإطعام، كأنه يسامره حتى تطيب نفسه، فإذا رآه يميل إلى النوم يخليه. قال الأصمعي: من سنة العرب أن الغريب منهم إذا نزل فصادف هشاشة وفكاهة أيقن بالتكرم وحسن التفقد، وإن رأى إعراضاً والنواء عرف ابتذالاً وحرماناً. فلذلك قال إن الحديث من القرى.
[وقال عمرو بن أحمر الباهلي]
ودهم تصاديها الولائد جلة ... إذا جهلت أجوافها لم تحلم
ترى كل هر جاب لجوج لهمة ... زفوف بشلو الناب هوجاء عيلم
أراد بالدهم قدوراً سوداً. ومعنى تصاديها تداريها وتمارسها في الغضب والإنزال وإعداد الآلات لها. والولائد: الجواري. والجلة: الكبار العظام. وقوله إذا جهلت أجوافها، يريد إذا غلت وأرزمت. فعد ذلك جهلاً منها. وقال