أحسابهم مضيعة مهملة، متروكة من التفقد بائرة، لا ترم فروعها، ولا تضبط أصولها، ولا يحفظ بحسن المراعاة من السقوط والرزوح هزيلها.
[وقال أبو منازل في ابنه]
جزت رحم بيني وبين منازل ... جزاء كما يستنزل الدين طالبه
تربيته حتى إذا آض شيظما ... يكاد يساوي غارب الفحل غاربه
تغمد حقيظالماً ولوى يدي ... لوى يده الله الذي هو غالبه
قوله جزت رحم دعاء على ابنه منازل. وجعل فعل الجزاء للرحم. والجازي هو الله تعالى، لأنه السبب في الجزاء، ولتكون الشكوى أبلغ، فيقول: جزى الله منازلاً على الرحم التي بيني وبينه وقد قطعها ولم يقم بحقها، جزاء يستوفى له وعليه ما يحق، كما يستنزل طالب ممن عليه الدين حقه. ثم أخذ يقتص مادار بينهما، وما أوجب عليه الفرض الذي ضيعه فقال: تربيته طفلاً وناشئاً، حتى إذا صار شاباً طويل القامة يكاد غاربه يساوي غارب الفحل، أي بلغ قامته قامة الفحل. والغارب: مقدم السنام. والشيظم: الطويل الغليظ. ويروى: لربيته، ويكون اللام جواب قسم انطوى عليه الكلام. ويقال: ربيته وربيته وتربيته بمعنى واحد. حتى إذا آض، أي إلى أن صار. وإذا جوابه قوله تغمد حقي يريد: لما بلغ هذا المبلغ ستر حقي ولم يف به، متعدياً طوره، وباخساً ما استوجبته عليه بالولادة والتربية، فلما جاذبته بلساني مد يده فلوى يدي، أي فتلها وأزلها عن حالها وهيئتها ثم قال داعياً