هذا مثلٌ يضرب في الانقياد والذل. ولذلك يقولون: النساء لحمٌ على وضمٍ إلا ما ذب عنه. يقول: تركتنا لا دفاع بنا، كاللحم على خوان الجزار يتناوله من شاء، لو كنت تترك منا بقية، وتطلب علينا بقية. والمعنى أنك تروم استئصالنا، فلست ترضى بالإذلال. وجواب لو فيما تقدم عليه.
وقال أعرابيٌ
قتل أخوه ابناً له فقدم إليه ليقتاد منه، فألقى السيف وهويقول:
أقول للنفس تأساءً وتعزيةً ... أحدى يدي أصابتني ولم ترد
التأساء: تفعال من الإسوة. ويقال إسوةٌ وأسوةٌ، فيضم أوله ويكسر، وانتصابه على أنه مصدرٌ في موضع الحال. أي أقول متأسياً بغيري، ومسلياً لنفسي: جنى علي أخي الذي محله مني محل إحدى يدي، سهواً لا إرادةً لمساءتي وخطأً لا عمداً. وقوله إحدى يدي في موضع المبتدأ وأصابتني خبره، وقوله ولم ترد في موضع الحال، والجملة في موضع النصب على أنه مفعول لقوله أقول.
كلاهما خلفٌ من فقد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
يقول: كل واحدٍ من الأخ الواتر والابن المفقود يصلح لأن يرضى به عوضاً من فقدان الآخر، فإن اقتدت من الأخ منتصفاً للابن فقدتهما جميعاً، فاستبقاني أخي هو على كل حالٍ أقرب وأعود.
[وقال إياس بن قبيصة الطائي]
ما ولدتني حاصنٌ ربعيةٌ ... لئن أنا مالأت الهوى لاتباعها
امرأةٌ حاصنٌ وحصانٌ، أي ممتنعة عن الرفث، عفيفةٌ. ومصدره الحصانة والحصن، وربعيةٌ: منسوبةٌ إلى ربيعة: وهذا الكلام خبر يجري مجرى اليمين، والام من لئن يؤذن بأن الكلام قسمٌ، فيقول: لست ابن امرأةٍ من بني ربيعة كريمةٍ عفيفة إن كنت شايعت الهوى وتابعته في طلب امرأةٍ: والمعنى: لست لرشدةٍ إن فعلت