للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزعمتم أن لا حلوم لنا ... إن العصا قرعت لذي الحلم

زعم زعماً وزعماً ومزعماً، وأكثر ما يستعمل فيه ما كان باطلاً أو فيه ارتيابٌ. ولذلك يقال: تزعم، أي تكذب؛ وزعم في غير مزعمٍ، أي طمع في مطمعٍ. وأن لا حلوم أن فيه مخففة من الثقيلة. أراد: زعمتم أنه لا حلوم لنا. والهاء ضميرٌ للأمر والحديث، ولا حلوم في موضع الخبر. أراد: وزعمتم أن الأمر والشأن لا عقول لنا، فإن كان الأمر على ما زعمتم فنبهونا أنتم، فإن عامر بن الظرب حكم العرب كان يقرع له العصا فينبه، لما كان يزيغ في الحكم لكبرته وسنه. وهذا الكلام تهكم وسخرية. ومثله قولك لمن أنكر عليك ما لا يشك في صلاحه وصحته: إن كان ذلك فاسداً فصححه أنت. وهذا ظاهرٌ. وذو الحلم الذي قرع له العصا مختلفٌ فيه، فتدعيه اليمن وتقول: هو عمرو بن حممة الدوسي، روى ذلك الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنه. وتدعيه مضر، فتقول: هو عامر بن الظرب العدواني، وإياه عنى ذو الإصبع في قوله:

ومنهم حكمٌ يقضي ... ولا ينقض ما يقضي

وتدعيه ربيعة فتقول: هو قيس بن خالد الشيباني، وهو جد بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد.

ووطئتنا وطئاً على حنقٍ ... وطء المقيد نابت الهرم

يقول: أثرت فينا تأثير الحنق الغضبان، كما يؤثر البعير المقيد إذا وطئ هذه الشجيرة. وخص المقيد لأن وطأته أثقل، كما خص الحنق لأن إبقاءه أقل. والهرم: ضربٌ من الحمض، يقال جملٌ هارمٌ، وإبلٌ هوارم إذا رعت الهرم. وانتصب وطء المقيد على البدل، أي وطئاً يشبه هذا الوطء. ومما حكي عن العرب: أعوذ بالله من طئة الذليل، أي من أن يطأني، لأن وطأته أشد، لسوء ملكته، كما قال الآخر:

ولم يغلبك مثل مغلب

وعلى هذا قيل: ضربته ضربة الجبان، وضبطته ضبطة الأعمى.

<<  <   >  >>