وقيل: هوت أمهم، معناه أم رءوسهم هاوية في الهوة أو في النار. وتلخيص البيت هوت أمهم أي شيءٍ تصرم بهم من أسباب المجد يوم صرعوا بجيشان، وهو علم البقعة اتفقت الوقعة بهم فيها. وماذا إن شئت جعلت ما اسماً مبتدأ وذا خبره، وإن شئت جعلت ما مع ذا اسماً واحداً ويكون مبتدأً وتصرم في موضع خبره. وهذا الكلام مخرجه على الاستفظاع والتعجب.
وقوله أبوا أن يفروا يصف ثباتهم في وجه البلاء، وصبرهم على الطعان والوقاع. والواو من قوله والقنا في نحورهم واو الحال؛ أي امتنعوا من الإحجام والنكوص فلم يطلبوا وجه المهرب، ولا سلكوا طرق المخلص، مع الإمكان والتمكن، وتمهد المعذرة عند الناس فيما يأتونه والتنصل، ومع العلم باستظهار الأعداء عليهم، وقعود العجز عن الوفاء بهم.
ثم قال ولو أنهم فروا لكانوا أعزة أي لو تأخروا وكفوا لما لحقهم ذلٌ فيه ولا غضاضة؛ ولا تسلط على عزهم نقيصةٌ وحقارة، ولكن وجدوا الصبر على الموت، والاستقتال بعد اللفاء أكرم في الأحدوثة، وأنفى للعار والمذمة.
وقال الحسين بن مطيرٍ.
ألما على معنٍ وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعاً ثم مربعا
فيا قبر معنٍ أنت أول حفرةٍ ... من الأرض خطت للسماحة مضجعا
يخاطب صاحبين له، يسألهما زيارة قبر معن وإبلاغه عنه أنه مقيمٌ على ما هو دأبه ووكده من طلب السقيا له، فواصل الله ذلك لك من السحب التي تنشأ غدوة، ربيعاً بعد ربيع. والمعنى: دامت النضارة والطراوة. وإنما خص الغوادي لأن المراد